للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يزيد الرقاشي يقول: أيها المقبور في حفرته والمتخلي في القبر بوحدته المستأنس في بطن الأرض بأعماله ليت شعري بأي أعمالك استبشرت، وبأي إخوانك اغتبطت، ثم بكي حتى يبل عمامته.

ثم يقول: استبشر والله بأعماله الصالحة، واغتبط بإخوانه المتعاونين على طاعة الله تعالى وكان الحسن بن صالح إذا أشرف على المقابر يقول: ما أحسن ظواهرك إنما الدواهي في بواطنك.

وكان عطاء السلمي إذا جن عليه الليل خرج إلى المقبرة ثم يقول: غدًا عطاء في القبور فلا يزال عطاء ذلك دأبه حتى يصبح ويروى أن فاطمة بنت الحسين نظرت إلى جنازة زوجها الحسن بن الحسين فغطت وجهها وقالت:

وَكَانُوا رَجَاءً ثَمَّ أَمْسُوا رَزِيَّةً ... لَقَدْ عَظُمَتْ تِلْكَ الرَّزَايَا وَجَلَّتٍ

وَقَالَ مَيمون بن مهران: خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقبرة فلما نظر إلى القبور بكى ثم أقبل عليَّ فقال: يا ميمون هذه قبور أبائي بني أمية كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذتهم وعيشم أما تراهم صرعى قد حلت بهم المثلاث واستحكم فيهم البلى وأصابتهم الهوام مقيلاً في أبدانهم ثم بكى وقال: والله ما أعلم أحدًا أنعم ممن صار إلى هذه القبور وقد أمن من عذاب الله، ووجد مكتوب على قبر:

وَقِفْتُ عَلَى الأَحِبَّةِ حِينَ صَفَّتْ ... قُبُورُهُمْ كَأَفْرَاسِ الرِّهَانِ

فَلَمَّا أَنْ بَكِيتُ وَفَاضَ دَمْعِي ... رَأَتْ عَيْنَايَ بَيْنَهُمْ مَكَانِي

آخر: ... وَنَاءٍ عَنِ الدُّنْيَا وَعَنْ أَعْيُنِ الْوَرَى ... وَحِيد لأَصْحَابِ الْقُبُورِ مُجَاوِرُ

آخر: ... أَبَا غَانِمٍ أَمَا ذراك فَوَاسِعٌ ... وَقَبْرُكَ مَعْمُورُ الْجَوَانِبُ مُحْكَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>