للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

وكتب ابن السماك إلى هارون الرشيد يعزيه بولده فقال أما بعد فإن استطعت أن يكون شكرك لله عز وجل حيث قبضه كشكرك له حيث وهبه لك فافعل فإنه حيث قبضه أحرز لك هبته.

ولو بقي لم تسلم من فتنة أرأيت جزعك على ذهابه وتلهفك على فراقه أرضيت الدار لنفسك فترضاها لأبيك أما هو فقد خلص من الكدر وبقيت متعلقًا بالخطر والسلام.

وان شاء قال إذا كان صغيرًا عظم الله أجرك وجبر مصيبتك وأذهب عنك الحزن وجعله لك فرطًا وذخرًا ووسيلة لاكتساب الأجر في الأخرى وأنت خبير بأن الموت مصير كل العباد قال الله جل وعلا وتقدس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} .

ومثلك ولله الحمد لا يحتاج إلى التسلية والنصيحة لأنه ليس بخاف عليك أن الصبر قد حث الله عليه ووعد بكثرة الأجر وأنه أولى ما تمسك به مؤمن واعتصم به محتسب فالتسليم لأمر الله بما قدره وقضاه في سابق علمه يستوجب الثواب الجزيل وحسبنا الله ونعم الوكيل.

شِعْرًا:

كُلُّ الْمَصَائِبِ قَدْ تَمُرّ عَلَى الْفَتَى ... وَتَهُونُ غَيْر مُصِيبَةِ فِي الدِّينِ

آخر:

رَأَيْتُ بَنِي الدُّنْيَا كَوَفْدَيْنِ كُلَّمَا ... تَرَحَّلُ وَفْد حَطَّ فِي إِثْرِهِ وَفْدٌ

وَكُلٌّ يَحُثُّ السَّيْرَ عَنْهَا وَنَحْوَهَا ... فَيَمْضِي بِذَا نَعْش وَيَأْتِي بِذَا مَهْدُ

آخر:

وَتَأْكُلُنَا أَيَّامُنَا فَكَأَنَّمَا ... تَمُرُّ بِنَا السَّاعَاتُ وَهِيَ أُسُودُ

آخر:

وَمَا هَذِهِ الأَيَّامُ إِلا مَرَاحِلُ ... يَحُثُّ بِهَا حَاد مِنَ الْمَوْتُ قَاصِدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>