للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَسَّكَ بِهِ أَنْ تَلْقَهُ يَا أَخَا لِتَلْقَى ... تَمْسُّكَ ذِي بُخْلٍ بِتِبْرٍ وفضَّةِ

وصل الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

(فَصْلٌ)

وقال رحمه الله: طوبى لمن أنصف فأقر له بالجهل في علمه، والآفات في عمله، والعيوب في نفسه، والتفريط في حقه، والظلم في معاملته.

فإن أخذه بذنوبه رأى عدله، وإن لم يؤخذه رأى فضله.

وإن عمل حسنة رآها من منته عليه، فإن قبلها فمنه وصدقة ثانية، وإن ردها فلكون مثلها لا يصلح أن يواجه به.

وإن عمل سيئة رآها من تخليه عنه، وخذلان له، وإمساك عصمته، وذلك من عدله فيه.

فيرى في ذلك فقره إلى ربه وظلمه في نفسه، فإن غفر له فبمحض إحسانه وجوده وكرمه.

ونكتة المسألة وسرها أنه لا يرى ربه إلا محسنًا ولا يرى نفسه إلا مسيئًا ومفرطًا أو مقصّرًا.

فيرى كل ما يسره من فضل ربه عليه وإحسانه إليه، وكل ما يسوءه من ذنوبه.

وقال من لم يعرف نفسه كيف يعرف خالقه؟ فاعلم أن الله خلق في صدرك بيتًا وهو القلب. ووضع في صدره عرشًا لمعرفته يستوي عليه المثل الأعلى، فهو مستو على سرير القلب، وعلى سرير بساط من الرضا. ووضع عن يمينه وشماله مرافق شرائعه وأوامره، وفتح إليه بابًا من جنة رحمته، والأنس به، والشوق إلى لقائه.

وأمطره من وابل كلامه ما أنبت فيه من أصناف الرياحين والأشجار

<<  <  ج: ص:  >  >>