للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان جالس على سريرها وعلى السرير بساط الجهل وتخفق فيه الأهواء، وعن يمينه وشماله مرافق الشهوات.

وقد فتح إليه باب من حقل الخذلان والوحشة، والركون إلى الدنيا، والطمأنينة بها، والزهد في الآخرة.

وأمطر من وابل الجهل والهوى والشرك والبدع، ما أنبت فيه أصناف الشوك والحنظل، والأشجار المثمرة بأنواع المعاصي والمخالفات، من الزوائد والانتدابات، والنوادر والهزليات والمضحكات، والأشعار الغزليات، والخمريات التي تهيج على ارتكاب المحرمات، وتزهد في الطاعات.

وجعل في وسط الحقل شجرة الجهل به والإعراض عنه، فهي تؤتي أكلها كل حين من الفسوق والمعاصي واللهو واللعب والمجون، والذهاب مع كل ريح، وإتباع كل شهوة.

ومن ثمرها الهموم والغموم، والأحزان والآلام، ولكنها متوارية باشتغال النفس بلهوها ولعبها. فإذا أفاقت من سكرها أحضرت كل هم وغم وحزن وقلق، ومعيشة ضنك.

وأجري إلى هذه الشجرة ما يسقيها من إتباع الهوى، وطول الأمل والغرور.

ثم ترك ذلك البيت وظلماته وخراب حيطانه بحيث لا يمنع منه مفسد ولا حيوان، ولا مؤذ ولا قذر.

فسبحان خالق هذا البيت وذلك البيت، فمن عرف بيته وقدر الساكن فيه، وقدر ما فيه من الكنوز والذخائر والآلات انتفع بحياته ونفسه

<<  <  ج: ص:  >  >>