وبعض الناس لا يكتفي بالتقصير فِي الواجب فِي حق أبويه بل يسمع والديه مَا يسوؤهما، وتضيق به صدورهما، وينكد عليهما معيشتهما، فتجد الوالد يكره معه الحياة، ويتمنى لأجله أنه لَمْ يكن له ولد وربما تمنى أنه كان عقيمَا.
فكلام الابن العاق تئن له الفضيلة، ويبكي له المروءة، وتأباه الديانة، ولا يرضى به العاقل فضلاً عن المتدين، لأن فعله منكر عظيم، وَقَدْ لا يسب العاق أباه مباشرة، ولكن يسب أبا هذا وأم هذا، فيسبون أمه وأباه، ويصبون على والديه من اللعنات أضعاف مَا صدر مِنْه، والبادي هو الظالم وما أكثر السب والشتم واللعن فِي وقتنا هذا، وما أسهله عندهم.
وما أكثر الاحتقار للآباء والأمهات فِي البيوت والأسواق وفي كل محل، ونسأل الله العافية.
ومما جاء فِي العقوق وجرمه وقبحه وإثمه مَا رواه البخاري وغيره عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال» .
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر» ؟ ثلاثًا قلنا: بلى يا رسول الله. قال:«الإشراك بالله وعقوق الوالدين» . وكان متكئًا فجلس فقال:«ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور» . فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.