للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك ينبغي أن الناصح ذا رأي ثاقب وعقل راجح قَدْ جرب الأمور وعركته الأيام والليالي وذاق حلوها ومرها وانتفع بما رآه فيها من عسر ويسر وفرح وسرور وخلص قلبه من هم قاطع وغم شاغل ليسلم رأيه وتخلص نصيحته من الشوائب المكدرة.

فيا عباد الله إن الدين هو النصيحة يسدها المؤمن لإخوانه بل يبغي عليها جزاء ولا شكورَا إلا من ربه وخالقه يبذلها خالصة لوجه الله قاصدًا بها نفع عباد الله والأخذ بأيديهم إِلَى طرق السداد سار على ذلك الأنبياء والمؤمنون والاتقاء.

قال تعالى إخبارًا عن نوح عليه السلام: {وَأَنصَحُ لَكُمْ} وعن هود: {وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} وعن صالح: {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} وعن شعيب: {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} وعن مؤمن آل فرعون ينصح قومه: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} الآيات فالنصيحة علامة الحب والإخلاص والوقار.

فإذا علمت أن شرًا سينزل بمؤمن غافل عنه فواجب عليك أن تنبهه وتحذره ليأخذ حذره من الكائدين وأسرع بأخباره كما حذر رجل موسى عليه السلام قال تعالى: {وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} .

وإن رأيت إنسانًا تردى فِي المعاصي وانغمس فِي الموبقات وأتبع شيطانه وهواه وركب رأسه وخالف مولاه فخذ بيده على طريق الرشاد

<<  <  ج: ص:  >  >>