للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ورحمة وقدم مَا عنده له وانعكست المسألة فأصبح ضيفًا عليه صاحب المنزل بعد أن كَانَ ضيفًا له.

وإن كَانَ جاهلاً غير دين شتمك وذمك وخرج من عندك ساخطًا يقول: مَا لا ينبغي وينسب إليك أشياء ربما أنك بريء مِنْهَا ولا تحتقر مَا عندك بل قدم له مَا تيسر من الطعام والشراب كما هي طريقة السلف الصالح رضي الله عنهم فإنهم كَانَوا يقدمون للضيف ولو كَانَ شيئا يسيرًا ويقولون: هو أحسن من العدم.

وَقَدْ دخل ضيف على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقدم له نصف رغيف ونصف خيارة وقال له: كل فإن الحلال فِي هذا الزمان لا يحتمل السرف. وأخرج سلمان رضي الله عنه إِلَى ضيف خبزًا وملحًا وقال: لولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن التكلف لتكلفت لك. وقال إبراهيم النخعي رضي الله عنه: إن الإنسان لا يبخل بما تيسر ظانًا أنه لا يليق بضيفه وأنها لا تتم الضيافة به وأنه لا يذكر معه بخير فخير له أن يقال: جاد بما لديه. من أن يقال فيه: أغلق بابه وغيب وجهه عن ضيف نزل به.

وفي الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه دخل عليه نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقدم إليهم خبزًا وخلاً فقال: كلوا فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «نعم الإدام الخل» . إنه هلاك بالرجل أن يدخل إليه النفر من إخوانه فيحتقر مَا فِي بيته أن يقدمه إليهم وهلاك بالقوم أن يحتقروا مَا قدم إليهم وفي رواية: كفى بالمرء شرًا أن يحتقر مَا قدم إليهم. وفي رواية: كفى بالمرء شرًا أن يحتقر مَا قدم إليه.

ولا ينبغي أن يستأثر بخير مَا عنده من البر واللحم والسمن والعسل والفاكهة ونحو ذلك ويقدم لضيفه الرديء والجاف والناشف أو مَا يكرهه هو وأهله من رديء الطعام والشراب ولا يجب عليه إنزال الضيف فِي بيته لما فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>