وَقَدْ روى الأعرج عن أبي هريرة أنه قال: إنكم تقولون أكثر أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والله الموعد، وأيم لولا آية فِي كتاب الله مَا حدثت بشيء أبدًا، ثم تلا {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} الآية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار» . رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان فِي صحيحه والبيهقي ورواه الحاكم بنحوه وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كتم علمًا مما ينفع الله به الناس فِي أمر الدين ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» . رواه ابن ماجة ومن الأمانة فِي العلم إنك إذا أبديت رأيًا ثم أراك الدليل القاطع أو الراجح أن الحق فِي غير مَا أبديت أن تصدع بما استبان لك أنه الحق.
ولا يمنعك من الجهر به أن تنسب إِلَى سوء النظر فيما رأيته أولاً، والأمانة حملت كثيرًا من العلماء على أن يظهروا رجوعهم عن كثير من آراء علمية أو اجتهادية دينية تبين لهم أنهم غير مصيبين فيها.
ولا يكترثون بما قال فيهم من الاعتراضات التي فِي غير محلها لعلمهم أن الناس مَا مِنْهُمْ سلامة أبدَا مهما استقاموا ولهذا الرسل لَمْ يسلموا مِنْهُمْ قولاً وفعلاً، بل الله جل وعلا الذي أوجدهم ورباهم ورزقهم وفضلهم على كثير ممن خلق جعلوا له ولدا وقالوا: لا يعيدنا، فلا مطمع فِي السلامة مِنْهُمْ، وهم كما قال الشاعر معربًا عن صفاتهم: