للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحث صلى الله عليه وسلم على الصلح وأصلح بين كثير من أصحابه وعن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كَانَ بينهم شر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم فِي أناس معه. الحديث متفق عليه.

ولقد بلغت العناية بالصلح بين المسلمين إِلَى انه رخص فيه بالكذب رغم قباحته وشناعته وشدة تحريمه، وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَمْ يكذب من نمى بين اثنين ليصلح بينهم» .

وفي رواية: «ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرًا أو نمى خيرًا» . رواه أبو داود، وفي رواية لمسلم قالت: ولم أسمعه يرخص فِي شيء مما يقوله الناس إلا فِي ثلاث يعني الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها، أي قال خيرًا على وجه الإصلاح وليس المراد نفي ذات الكذب بل نفي أثمه فالكذب كذب وإن قيل للإصلاح أو غيره وإنما نفي عن المصلح كونه كذابًا باعتبار قصده.

وهذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إِلَى الزيادة فِي القول ومجاوزة الصدق طلبًا للسلامة ودفعًا للضرر ورخص فِي اليسير فِي مثل هذا لما يؤمل فيه من الصلاح، والكذب بين اثنين فِي الإصلاح أن ينمي من أحدهما إِلَى صاحبه خيرًا ويبلغه جميلاً وإن لَمْ يكن سمعه بقصد الإصلاح، والكذب فِي الحرب أن يظهر فِي نفسه قوة ويتحدث بما يقوي به أصحابه ويكيد به عدوه ويوهنه ويشتت فكره. والكذب للزوجة أن يعدها ويمنيها ويظهر لها أكثر مما فِي نفسه ليستديم صحبتها ويصلح به خلقها.

<<  <  ج: ص:  >  >>