ومن لطفه ورأفته برعيته وحرصه عَلَى العدل فيهم مَا يتجلى فِي وصيته لأبي موسى الأشعري وَقَدْ كتب له كتابًا قال فيه: فإذا جاء كتابي هذا فأذن لأهل الشرف وأهل القرآن والتقوى والدين فإذا أخذوا مجالسهم فأذن للعامة ولا تؤخر عمل اليوم لغد فتزدحم عليك الأعمال فتضيع.
وإياك وإتباع الهوى فإن للناس أهواء متبعة ودنيا مؤثرة وضغائن محمولة وحاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل حساب الشدة كان مرجعه إِلَى الرضا والغبطة.
ومن ألهته حياته وشغلته أهواؤه عاد أمره إِلَى الندامة والحسرة، آس بين الناس فِي وجهك وعدلك ومجلسك حتى لا يطمع شريف فِي حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك.
ولا يمنعك قضاء قضية اليوم فراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إِلَى الحق فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي فِي الباطل والفهم الفهم فيما تلجلج فِي صدرك مما ليس فِي كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم اعرف الأشباه والأمثال فقس الأمور عند ذلك بنظائرها.
واعمد إِلَى أقربها إِلَى الله وأشبهها بالحق واجعل لمن ادعى حقًّا غائبًا