فَقَالَ: في مَطْبَخِ المُسْلِمْينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: كُلْهَا فَإنِّْي لَمْ أرْزَقْهَا هِيَ رِزْقُكَ وَسَخَّنُوا لهُ المَاءَ في المطْبَخِ العَامِّ فَرَدَّ بدَلَ ذلكَ بدِرْهَمٍ حَطَباً.
وَكَانَ لَهُ سِرَاجٌ يَكْتُبُ عَلَيْهِ حَوَائِجَهُ وَسِراجٌ لِبَيْتِ المَالِ يَكْتُبُ عَلَيْهِ مَصَالِحُ المُسْلِمِيْنَ لا يَكْتُبُ عَلى ضَوْئِهِ لِنَفْسِهِ حَرْفاً وَبَلَغَ عُمَرُ أنَّ رَجلاً مِنْ أَصْحَابِهِ تُوُفِّى فَجَاءَ إلَى أَهْلِهِ يُعَزِّيْهِمْ فَصَرَخُوا في وَجْهِهِ بِالبُكَاءِ عَلَيْهِ فَقَالَ مَهْ إنَّ صَاحِبَكُمْ لَمْ يَكُنْ يَرْزُقكُم إنَ الذِي يَرْزُقُكُمْ حَيٌّ لا يَمُوْتُ وَإنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا لَمْ يَسُدَّ شيئًا مِنْ حُفَرِكِمْ، وَإِنَّمَا سَدَّ حُفْرَةَ نَفْسِهِ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْكُم حُفْرَةً لا بُدَّ وَاللهِ أَنْ يَسُدَّهَا.
إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لمَّا خَلَقَ الدُّنْيَا حَكَمَ عَلَيْهَا بِالخَرَابِ وَعَلى أَهْلِهَا بِالفَنَاءِ وَمَا امْتَلأَتْ دَارٌ حُبْرَةً إِلّا امْتَلأَتْ عِبْرَةً وَلاَ اْجَتَمُعوا إلا تَفَرّقُوا حَتَّى يَكُوْنَ اللهُ هُوَ الذِي يَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ بَاكِياً فَلْيَبْكِ عَلى نَفْسِهِ فإنَّ الذِي صَارَ إلَيْهِ صَاحِبُكُمْ كُلَّ النَّاسِ يَصِيْرُونَ إلَيْهِ غَداً.
شِعْراً: ... أَبْقَيْتَ مَالَكَ مِيْرَاثاً لِوَارِثِهِ
فَلَيْتَ شِعْرِيَ مَا أَبْقَى لَكَ المَالُ
القَوْمُ بَعْدَكَ في حَالٍ تَسُرُّهُمُ
فَكيْفَ بَعْدهُمُو صَارَتْ بِكَ الحَالُ
مَلُّوا البُكَاءَ فَمَا يَبْكِيْكَ مِنْ أَحَدٍ
وَاسْتَحْكَمَ القِيْلُ في المِيْرَاثِ وَالقَالُ
مَالَتْ بِهِمْ عَنْكَ دُنْيَا أَقْبَلَتْ لَهُمُوا
وَأدْبَرَتْ عَنْكَ وَالأَيَّامُ أَحوَالُ
وَكَان رَحِمَةُ اللهُ قَدْ رَزَقَهُ اللهُ العِلْمَ وَالحِكْمَةَ وَالأَدَبَ وَالعَدْلَ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute