ومَحْسُودِيْنَ عَلى مَا جَمَعُوا وَلَقَدْ عَلِمْتُم مَا صَنَعَ التُّرَابُ بأبْدَانِهِم وَالديْدَانُ بِلُحُوْمِهِمْ.
وَأَطَالَ الكَلامُ في هَذَا الموْضُوعِ وَهُوَ يَبْكِيْ إلى أَنْ قَالَ يَا ساكِنَ القَبْرِ بَعْدَ أَيامٍ قَلائِلَ مَا غرَّكَ من الدنيا هَلْ ظَنَنَتْ أنّكَ تَبْقَى لهَا أَمَا رَأيْتَ مِنْ آبَائِكَ مَنْ قَدْ نَزَلَ بِهِ الأمْرُ وَجَاءَ الأَجَلُ فأصْبَحَ لا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَا نَزَلَ بِهِ وَهُوَ يَرْشَحُ عَرَقَاً وَيَتَلظَّى عَطَشاً وَيَتَقَلَّب في غمَرَاتِ المَوْتِ وَسَكَرَاتِهِ.
ثُمَّ قَرَأَ {حَتَّى إِذَا بَلَغَت الحُلْقُوْمُ وَأَنْتُمُ حِيْنَئِذٍ تَنْظُرُوْنَ وَنَحْنُ أقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُم وَلكِنْ لا تُبْصِرُوْنَ فَلَوْلا أنْ كُنْتُم غَيرَ مَدِينِينَ تَرْجعُونَها إنْ كُنْتُم صَادِقِينَ} وَبَكَى طَويْلاً ثُمَّ قَالَ لَيْتَ شِعْرِيْ مَا الذِيْ يَلقَانِيْ بِهِ مَلَكُ الموْتِ عِنْدَ خُرُوْجِيْ مِن الدُّنْيَا وَما يَأَتِيْني بِهِ مِنْ رِسَالَةِ رَبِّيْ
رَثى بَعَضُهم عُمَرَ بن عَبد العزيز فقال:
كَمْ مِنْ شَريعَة حَقٍ قَدْ بَعَثْتَ لَهَا ... كَادَتْ تَموُتُ وَأخْرىَ منْكَ تُنْتَظُر
يا لَهْفَ نَفْسي ولَهْفْ الواجدِيْن مَعَي ... على الحَبيب الذى يُسْقَى بِهِ المَطَرُ
ثلاثة ما رَأتْ عَينى لهَا شَبَهاً ... تَظمُ أَعْظُمُهُمْ في المسجدِ الحُفَرُ
وَأنْتَ رَابعُهم إذ كُنْتَ مُجتِهداً ... لِلحق والأَمْرِ بالمَعْرُوفٍ تبْتَدِرُ
لو كُنْتَ أَمْلِكُ والأَقْدَارُ غَالبةُ ... تَأْتِي رَوَاحاً وتِبْيَاناً وَتبْتَكرُ
صَرَفْتُ عن عُمَر المَرضِي مَصْرَعَهُ ... بِدَير سِمْعَانِ لَكِنْ يَغْلِبُ القَدَرُ
وفي مُصَابِ رَسول الله تسْلِيَةَ ... فِيْمَنْ يمُوت وفي أنْبَائه عِبَرُ
هو الرسولُ الذِي مَنّ الإِلَهُ به ... على البريّةِ وازْدَادَتْ به السّيَرُ
وخير مَن وَلدَتْ عَدْنَانُ قاطِبةً ... وخَير مَن شَرُفَتْ مِن أجْلِهِ مُضرُ
صلى عليه إلهُ العَرش ما طَلَعَتْ ... شَمْسَ وما خَلَفَتْهَا الأنْجمُ الزّهرُ
اللهُمَّ انظِمْنَا في سِلْكِ أهِل السّعادَةْ، واجْعَلْنَا مِنْ عبادِك المُحْسنِينَ الذَينَ لهُم الحُسْنَى وزِيَادَةٌ، واغْفِر لنَا ولوالِديْنا ولجميع المُسْلِمينَ الأحياءِ مِنْهُم