للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالحَقِيْقَةِ إنَّ المتَكَبِّرَ مِسْكِيْنٌ ثم مِسْكِيْنٌ إلَى حَدٍّ يَسْتَحِقُّ مَعَهُ الرِّثَاءُ فإنَّكَ بَيْنَمَا تَرَاهُ بِهَذِهِ الكِبْرِيَاءُ وَالعَظَمَةِ تَرَاهُ غَارِقَاً في بَحْرِ المَعَاصِيْ وَذُلِّهَا يُلْقِيْ نَفْسَهُ في جَهَنَّمَ.

أَيَظُنُّ هَذَا المِسْكِيْنُ أَنَّهُ عَزِيْزٌ واللهُ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ رَفِيْعٌ وَهُوُ في قاذُوْرَاتِ المَعَاصِيْ إنَّ العِزَّةَ والرِّفْعَةَ لاَ يَحْصُلاَنِ بِالدَّعْوَى وَلَيْسَ حُصُوْلُهُمَا بِيَدِ مَخْلُوقٍ وَلَكِنَّهُمَا بِيَدِ اللهِ وَحْدَهُ يَمْنَحُهُمَا إلَى مَنْ يُسَارِعُونَ إلى طَاعَةِ مَوْلاَهُم جلَّ وَعَلَا وَتَقَدَّسَ.

فَيَا عِبَادَ اللهِ انْصَحُوا مَنْ وَقَعَ في وَرْطَةِ الكِبْرِ وَقُولُوا لَهُ تَدَبَّرْ كَلاَمَ رَبِّ العَالَمِيْنَ مِثْلَ قَولِهِ تَعَالَى إنّهُ لا يُحِبُّ المُسْتَكْبِرِيْنَ وَقَوْلَهُ تَعَالَى {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الذِيْنَ يَتَكَبَّرُوْنَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وإنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإنْ يَرَوْا سَبِيْلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوْهُ سَبِيْلَا وَإنْ يَرَوْا سَبِيْلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيْلَا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِيْنَ} .

وعَنْ عَمْروِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ?: " يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُوْنَ أمْثَالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ يُسَاقُوْنَ إلَى سِجْنِ في جَهَنَّمْ يُقَالُ لَهُ بُوْلُسْ تَعْلُوْهُمْ نَارُ الأنْيَارِ يُسْقَون َمِنْ عُصَارَةِ أهْلِ النَّارِِ طِيْنَةِ الخَبالِ "". رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالترْمِذِيْ وَاللّفْظُ لَهُ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ.

شِعْراً: ... مَتَى يَصِلِ العِطَاشُ إِلىَ ارْتِوَاءٍ ... إِذَا اسْتَقَت البِحَارُ مِنَ الرّكَايَا

وَمَنْ يَثنِ الأَصَاغِرَ عَنِ مُرَادٍ ... وَقَدْ جَلَسَ الأَكَابِرُ في الزَّوَايَا

وَإِنَّ تَرَفَّعَ الوُضَعَاءِ يَوْماً ... عَلَى الرُفَعَاءِ مِن إحدَى الرَّزَايَا

إِذَا اسْتَوَتْ الأَسَافِلُ والأَعَالِيْ ... فَقدْ طَابَتْ مُنَادَمَةُ المُنَايَا

<<  <  ج: ص:  >  >>