للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِاسْتِتْمَامِ الصَّنِيعَةِ عِنْدِي وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَعْظَمُ مِمَّا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ سُلَيْمَانُ.

فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَمْ ذَلِكَ؟ قَالَ: عُشْرُونَ أَلْفِ دِينَارِ. قَالَ عُمَرُ: عِشْرُونَ أَلْفِ دِينَارٍ تُغْنِي أَرْبَعَةَ آلافِ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَدْفَعُهَا إِلى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَاللهِ مَا لِي إِلى ذَلِكَ مِنْ سَبِيلٍ.

قَالَ عَنْبَسَةُ: فَرَمَيْتُ بِالْكِتَابِ الذِي فِيهِ الصَّكُّ. فَقَالَ عُمَرُ: لا عَلَيْكَ أَنْ يَكُونَ مَعَكَ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَأْتِي مَنْ هُوَ أَجْرَأُ عَلَى هَذَا الْمَالِ مِنِّي فَيَأْمرَ لَكَ بِهِ. فَأَخَذْتُهُ وَخَرَجْتُ إِلى بَنِي أُمَيَّةَ وَأَعْلَمْتُهم مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَوا: لَيْسَ بَعْدَ هَذَا شَيْءٌ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَاسْأَلْهُ أَنْ يَأْذَنَ لَنَا فِي الْبُلْدَانِ.

فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ قَوْمَكَ بِالْبَابِ يَسْأَلُونَكَ أَنْ تُجْرِي عَلَيْهِمْ مَا كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِكَ. فَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ مَا هَذَا الْمَالُ لِي وَمَا لِي إِلى ذَلِكَ مِنْ سَبِيلٍ.

قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَسْأَلُونَكَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُمْ يَضْرِبُوا فِي الْبُلْدَانِ. قَالَ: مَا شَاءوا ذَلِكَ لَهُمْ وَقَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ. قُلْتُ: وَأَنَا أَيْضًا؟ قَالَ: وَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ أَذِنْتُ لَكَ وَلَكِنِّي أَرَى لَكَ أَنْ تُقِيمَ فَإِنَّكَ رَجُلٌ كَثِيرُ النَّقْدِ وَأَنَا أَبِيعُ تَرِكَةِ سُلَيْمَانَ فَلَعَلَّكَ تَشْتَرِي مِنْهَا مَا يَكُونُ لَكَ فِي رِبْحِهِ عِوَضٌ مِمَّا فَاتَكَ.

قَالَ: فَأَقَمْتُ فَاشْتَرَيْتُ مِنْ تَرِكَةِ سُلَيْمَانَ بِمَائَةِ أَلْفٍ فَخَرَجْتُ بِهَا إِلى الْعِرَاقِ فَبِعْتُهَا بِمَائَتَيْ أَلْفِ دِينَارٍ وَحَبَسْت الصَّكَّ فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ وَوَلِيَ يَزِيدُ بنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَتَيْتُه بِكِتَابِ سُلَيْمَانَ فَأَنْفَذَ لِي مَا كَانَ فِيهِ.

وَكَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَنْظُرُ لَيْلاً فِي أَحْوَالِ الرَّعِيَّةِ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ فَجَاءَ غُلامٌ لَهُ فَحَدَّثَهُ فِي شَأْنٍ خَاصٍّ بِعُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلامِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>