للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُرْهًا وَرَبَّتْهُ طِفْلاً تَسْهَرُ بِسَهَرِهِ وَتَسْكُنُ بِسُكُونِهِ تُرْضِعُهُ تَارَةً وَتُفْطِمُهُ أُخْرَى وَتَفْرَحُ بِعَافِيَتِهِ وَتَغْتَمُّ بِشِكَايَتِهِ.

وَالإِمَامُ الْعَادِلُ وَصِيُّ الْيَتَامَى وَخَازِنُ الْمَسَاكِين يُرَبِّي صَغِيرَهُمْ وَيَمُونُ كَبِيرَهُمْ وَالإِمَامُ الْعَادِلُ هَوُ الْقَائِمُ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ يَسْمَعُ كَلامَ اللهِ وَيُسْمِعَهُمْ وَيَنْظُر إِلى اللهِ وَيُرِيهم وَيَنْقَادُ إلى اللهِ وَيَقُودُهُمْ فَلا تَكُنْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا مَلَّكَكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ كَعَبْدٍ ائْتَمَنَهُ سَيِّدُهُ وَاسْتَحْفَظَهُ مَالُهُ وَعِيَالَه فَبَدَّدَ الْمَالَ وَشَرَّدَ الْعِيَالَ فَأَفْقَرَ أَهْلَهُ وَفَرَّقَ مَاله.

وَأَعْلَمْ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ الْحُدُودَ لِيَزْجُرَ بِهَا عَن الْخَبَائِث وَالْفَوَاحِشِ فَكَيْفَ إِذَا أَتَاهَا مِنْ يَلِيهَا وَإِنَّ اللهَ أَنْزَلَ الْقِصَاصَ حَيَاةً لِعِبَادِهِ فَكَيْفَ إِذَا قَتَلَهُمْ مَنْ يَقْتَصُّ لَهُمْ وَاذْكُر الْمَوْتَ وَمَا بَعْدَهُ وَقِلَّةَ أَشْيَاعِكَ عِنْدَهُ وَأَنْصَارَكَ عَلَيْهِ فَتَزَوَّدْ لَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ لَكَ مَنْزِلاً غَيْرَ مَنْزِلِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ يَطُولُ فِيهِ ثَواؤُكَ وَيُفَارِقُكَ أَحِبَّاؤُكَ يُسْلِمُونَكَ فِي قَعْرِهِ وَحِيدًا فَرِيدًا فَتَزَوَّدْ لَهُ مَا يَصْحَبُكَ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ وَاذْكُرْ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا في الصُّدُورِ فَالأَسْرَارُ ظَاهِرَة وَالْكِتَابُ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا.

فَالآنَ وَأَنْتَ في مَهْلٍ قَبْلَ حُلُولِ الأَجَل وَانْقِطَاعِ الأَمَلِ لا تَحْكُمُ فِي عِبَادِ اللهِ بِحُكْمِ الْجَاهِلِينَ وَلا تَسْلُكَ بِهِمْ سَبِيلَ الظَّالِمِينَ وَلا تُسَلِّطْ الْمُسْتَكْبِرِينَ عَلَى الْمُسْتَضِعِفينَ فَإِنَّهُمْ لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً فَتَبُوءَ بِأَوْزَارِكَ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكَ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالَكَ.

وَلا يَغُرَّنَّكَ الَّذِينَ يَتَنَعَّمُونَ فِي بُؤْسِكَ وَيَأْكُلُونَ الطَّيِّبَاتِ في دُنْيَاهُمْ بِإِذْهَابِ طَيِّبَاتِكَ في آخِرَتِكَ وَلا تَنْظُرْ إِلى قُدْرَتِكَ الْيَوْمَ وَلَكِنْ انْظُرْ إِلى قُدْرَتِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>