فاجْتَهِدُوا حَسَبَ الإِمْكَانِ في اخْتِيَارِ الْمُعَلِّمِينَ في مَعَاهِدِهِمْ وَمَدَارِسِهِمْ الدِّينِيَّةِ، وَتَعَهُدِهِمْ بالمراقبةِ الحَقَّةِ الْمُكَافَحِةِ لاتخاذِ التَّعْلِيمِ مَكْسبًا مَحْضًا لا أمانةً وَدِينًا.
(إن هذا العِلمَ دِينٌ فَانْظُروا مَنْ تأخذونَ دِينكُم عنه) فَمَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ عَمَلَهُ لا يَحِلُّ أَن يُوَلَّى أَمَانَةَ التَّعْلِيم، ولا يَصْلُحُ لِرعَايَةِ أَوْلادِ المسلمين. بل يَجِبُ عليه إصْلاحُ حَالِهِ أَولاً كما قِيل:
- فابْدأْ بنفسك فانْهَهَا عَنْ غَيِّها -
ومِن المحالِ أن يَنْطَبِعَ في قَلْبِ مُتَعَلِّمٍ ما لَيْسَ مِن صِفَةِ مُعَلِّمِهِ.
إن القولَ المجردَ عن العملِ لا أثرَ لَهُ ضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ، لأَنَّ الْمُتَعَلِّمَ إِذَا رَأَى تَعَالِيمَ الإسلام عِنْدَ مُعَلِّمِهِ صُورَةً مُجَرَدَةً عَن العملِ اعتقدَ بِحُكْْمِ طُفُولَتِهِ وَبِجَهْلِهِ بَادِئ الأَمْرِ أن الْعِلْمَ مَقْصُودٌ لِنَفْسِهِ، لا لِلْعَمَلِ به فلم يَرْضَ نَفْسَهُ على الْعَمَلَ بِعِلْمِهِ.
وَبِهَذَا تَعْظُم مُصِيبتُهُ في مُسْتَقبلِ أمره. فَيَجِبُ أَنْ يَتَجَافَى المسْئولُونَ في مَعَاهِدِهِمْ وَمَدَارِسِهم الدِّينِيَّةِ عن الَّذِينَ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُون، وَيُظْهِرُونَ مَا لا يُبْطِنُونَ. أُوَلئِكَ الَّذِين مَقَّتَهُمْ الله تعالى: