للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعل مجرد خوف الجور والظلم سببًا كافيًا في تحريم التعدد فمن لم يأنس من نَفْسهُ أن يقوم بالقسط بين الزوجات لا يتاح له التعدد ويجب عَلَيْهِ الاقتصار على واحدة.

نعم الأصل في التزوج التوحد فيه يتم السكون لكل من الزوجين إلى الأخر ويستقيم أمرهما ويهنأ عيشهما وتسعد أولادهما بإذن الله ولكن قَدْ تدعو الحاجة أو الضرورة إلى التعدد وتقتضيه المصلحة لمسائل كثيرة كما إذا لم ترغب أم أولاده في مضاجعته والاتصال به وكما لو كَانَ بها مرض لا يرجى بُرؤه أو مَاتَ أولادها ووقفت عن الحمل أو يكون به شبق ولا يكتفي بواحدة لما يتعرضها من حيض أو استحاضة أو نفاس أو نحو ذَلِكَ.

فإذا تزوج أكثر من واحدة وجب عَلَيْهِ العدل بين زوجاته فيبيت عِنْدَ إحداهن كما يبيت عِنْدَ الأخرى وكَذَلِكَ يفعل في المطعم والمسكن والملبس وسائر أنواع النفقة إن كن في الغنى متساويات وإن لم تفعل ذَلِكَ وجرت مَعَ إحداهما فأَنْتَ في عداد الظالمين.

ولا تظن الأَمْر في هَذَا بسيطًا هينًا لا بل اعلم أنه عَظِيم من أخل به جَاءَ يوم القيامة وشقهُ ساقط كما أخبر بذَلِكَ الرَّسُول الكريم وَهُوَ جزاء يناسب جُرمه لأنه أسقط ناحية المظلومة بإخلاله الذميم.

ويا ليت الأَمْر يقف عِنْدَ هَذَا الحد بل وراءه النار دار المذنبين ولذَلِكَ معاذ بن جبل الَّذِي أثنى عَلَيْهِ رسول الله ? وَقَالَ: «أعلم أمتي بالحلال والحرام كانَتْ عنده امرأتان فإذا كَانَ عِنْدَ إحداهما لم يشرب من بيت الأخرى الماء» . معناه أنه من ورعه وخوفه من الميل إلى إحداهما إذا كانَتْ النوبة لواحدة وفر يومها وليلتها عَلَيْهَا فلو مر في يومها في بيت ضرتها وَهُوَ عطشان لم يشرب من عندها حتى يأتي بيت التي الْيَوْم يومها.

هَذَا العدل أصبح عِنْدَ النَّاس الَّذِينَ اختاروا التعدد نادر الوجود يترك

<<  <  ج: ص:  >  >>