للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ جواز الصراط مَعَ دقته وحدته ثُمَّ انتظار النداء عِنْدَ فصل الِقَضَاءِ إما بالإسعاد وإما بالأشقاء فهذه أحوال وأهوال لا بد من معرفتها ثُمَّ الإِيمَان بها على سبيل الجزم والتصديق ثُمَّ تطويل الفكر في ذَلِكَ الْيَوْم الَّذِي مقداره خمسون ألف سنة.

كما جَاءَ في اْلكِتَاب والسنة يجمَعَ الله فيه الأولين والآخرين في صعيد واحد يُسمعهم الداعي وينفذهُم البصر لا يغيب منهم أحد وتدنو مِنْهُمْ الشمس ويُلجمهم العرق هَذَا الْيَوْم هُوَ الْيَوْم الَّذِي تَذْهَلُ في كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ.

في ذَلِكَ الْيَوْم يبلغ الأَمْر من الحيرة والدهشة والاضطراب والذهول أن تذهل المرضعة عن ولدها الَّذِي فمُهُ في ثديها وَهُوَ أعز شَيْء لديها فَكَيْفَ بالذهول عما سواه وتسقط الحوامل من الفزع والرعب والروع ما في بطونها من الأجنة قبل التمام وَتَرَى النَّاسَ كأنهم سُكَارَى من شدة الروع والفزع والخوف الَّذِي صير من رآهم يشبههم بالسكارى لذهاب عقولهم من شدة الخوف كما يذهب عقل السكران من الشراب {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} تَكُون الأرض كالسَّفِينَة في البحر عِنْدَ اضطراب الأمواج تكفأ بأهلها.

فيميد النَّاس على ظهرها ويتساقطون من شدة الأَمْر وبلوغه أقصى الغايات ولهَذَا أذهل العقول وأذهب التمييز والفكر والصحو إنه يوم القيامة {إِذَا زُلْزِلَتِ الأرض زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا} .

<<  <  ج: ص:  >  >>