للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهول في صميم الكون وفي اغترار النفس وهي تروغ من هنا ومن هناك.

{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} .

وكَذَلِكَ خروجهم من القبور ينبئ أنهم في كرب وشدة وأنهم أذلاء غير متمكنين من الاستعصاء على الداعي إذ هم يهرولون مقهورين مَعَ خشوع أبصارهم وذلتها لهول ما تحققوا من الْعَذَاب.

قَدْ ملك القلق والخوف قُلُوبهمْ واستولى على أفئدتهم وسكن حركاتهم وقطع أصواتهم تعلو وجوههم القترة لما أصابهم من الكآبة والحزن والهم العَظِيم الَّذِي لا يرجي له فرج {تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} {تَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ} {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} .

إن هؤلاء الظالمين الطغاة كَانُوا في الدُّنْيَا متكبرين فناسب أن يكون الذل والصغار هُوَ مظهرهم البارز يوم القيامة الجزاء على الأعمال فعِنْدَ ما يشاهدون الحقائق ويرون الْعَذَاب تتهاوى كبرياؤهم وعظمتهم ويتساءلون في ذل وانكسار وخوف {هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ} .

في هذه العبارة التي يفهم منها اليأس مَعَ التلهف والانهيار مَعَ التطلع إلى أي بارقة للخلاص ويعرضون على النار خاشعين لا من ورع ولا تقوى ولا من حياء وخجل ولكن من الذل والهوان منكسي أعينهم من الذل والعار ينظرون من طرف خفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>