الحبوب في بطن الأرض ونباتها بعد ما سبق من حالها التي تشبه حالة الموت وعودتها إلى الحياة.
والنظرة كرة آخرةً وَذَلِكَ عِنْدَ وجودها في البيئة الملائمة من ماء ممتزج بالتُّرَاب الصالح لتعطي تقريبًا حسيًا مشاهدًا باستمرار في الظواهر الكونية لقصة بعث الحياة وتفرق أجزائها في تراب الأرض.
وقَدْ نبه الله في القرآن إلى هَذَا الشاهد الكوني الَّذِي يقرب إلي تصور أصحاب هَذَا التوهم إمكَانَ الحياة الأخرى وإنها تشبه عودة الحياة إلى الزرع والنَّبَات بعد جفافها وما يشبه حالة الموات فيها قال الله تَعَالَى:{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
وَقَالَ في سورة ق {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رِزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} جعل سُبْحَانَهُ وتعالى ما سبق دليلاً على البعث لأنه شبيه به.
وفي التعبير عن إخراج النَّبَات من الأرض بالإحياء وعن إحياء الموتى بالخروج تفخيم لشأن الإنبات وتهوين لأمر البعث وتحقيق للماثلة بين إخراج النَّبَات وإحياء الموتى لتوضيح منهاج القياس وتقريبه لأفهام النَّاس وكَذَلِكَ قوله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ