البلى ليعلموا أن وعد الله حق ويقنوا أن الساعة آتية لا ريب فيها ففي ذَلِكَ عبرة ودَلِيل على وقوع المعاد الجسماني يوم القيامة.
ومن ذَلِكَ الَّذِينَ أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فَقَالَ لَهُمْ الله موتوا ثُمَّ أحياهم ثُمَّ بعد هذه الإماتة أحياهم ففيها أيضًا عبرة ودَلِيل قاطع على وقوع المعاد الجسماني وأنه لا مرية فيه ومن ذَلِكَ قصة الَّذِي مر على قرية وهي خاوية على عروشها فَقَالَ مستبعدًا لعودة عمارتها وإحياء أهلها {أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} قيل إن الله تَعَالَى أماته في أول النَّهَارَ وأحياه بعد المائة أخر النَّهَارَ.
وقيل وَاللهُ أَعْلَمُ أول شيء أحياه الله فيه عينيه لينظر بهما إلى قدرة الله وصنعه كيف يحيي بدنه فَلَمَّا استقل سويًا {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} قال جل وعلا وتقدس: {بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ} قيل كَانَ معه عنب وتين وعصير فوجده لم يتغير وانظر إلى حمارك كيف يحييه الله عز وجل {وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ} أي دليلاً على المعاد حيث أحياه الله بعد إماتته وأحيا حماره ولم يتغير طعامه وشرابه.
ومن ذَلِكَ إحياء الطيور الأربعة لما طلب أبينا إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام من الله أن يريه كيف يحيي الموتى ليطمئن قَلْبهُ فأمره أن يأخذ أربعة من الطير فيقطعهن أجزاء ثُمَّ يفرقها على عدة جبال حوله ثُمَّ يدعوها ففعل ودعاها بأسمائهن فاقبلن إليه سريعات تطير والطير أشد الْحَيَوَان نفورًا من الإِنْسَان غالبًا فهَذَا أكبر برهان على كمال عزة الله وحكمته وقدرته على البعث والمعاد والجزاء. فتبارك الله أحسن الخالقين.