للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ لَنَا مِنَ الأثْقَالِ بِقُوَّةٍ وسُرْعَةٍ تَقِفُ أَمَامَهَا الألبَابُ حَائِرَاتٍ بَلْ لِوْ أَرَادُوْا مُسَابَقَةَ الطّيْرِ فِي السَّمَاءِ لَسَبَقُوْهُ بِالطّائِراتِ.

فَسُبْحَانَ مَنْ أَرْشَدَ عِبَادَهُ إِلَى صُنْعِ هَذِهِ المُخْتَرَعَاتِ قَالَ تَعَالَى: {وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}

وانْظُر إِلَى الكَهْرَباءِ وَفَائِدَتِهِا العَظِيْمَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَقَدْ صَارَ اللَّيْلُ بِأنْوَارِهِ وكَأنَّهُ نَهَارٌ وَمَا فِيْهِ مِنْ أسْبَابِ الرَّاحَةِ والمَنَافِعِ العَظِيْمَةِ الّتِي لَمْ تَحْصُلْ لِمَنْ قَبْلَنَا أَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَعْظَم البَرَاهِيْنِ والأدِلّةِ عَلَى صِدْقِ مَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} .

وَعَلَى صِدْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ مِنْ أَنَّ الزَّمَانَ يَتَقَارَبُ وَهَا أَنْتَ لاَ تَمْشِيْ شَرْقاً وَلاَ غَرْباً إِلاّ وأَنْتَ تَرَى وتَسْمَعُ مِنْ تِلْكَ الأَسْرَارِ مَا تَحَارُبِهِ الأَفْكَارُ فَنَحْنُ الَيْومَ نَتَقَلَّبُ فِي كُلِّ أَحْوَالِنَا فِي نَعِيْمٍ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ عَصْرٌ مِنَ الإعْصَارِ حَتَّى إِنَّكَ تَرَى حَيَوَانَ هَذَا العَصْرِ فِي رَاحَةٍ وإِكْرَامٍ لَمْ تَتَمَتَّعْ بِهَا بَنُوْ العُصُورِ الْمَاضِيَاتِ إِنَّ حَقّاً عَلَيْنَا إِزاءَ كُلِّ هَذَا أنْ نَكُوْنَ أسْبَقَ الأجْيَالِ فِي مِيْدَانِ شُكْرِ اللهِ لِيُبَرْهِنَ كُلِّ مِنَّا أَنَّهُ يُحِسُّ وَيَشْعُرُ بِمًا اخْتَصَّهُ بِهِ مَوْلاَهُ. أ. هـ.

ولكِنْ يَا لِلأَسَفِ لَمْ يَكُنْ مِنَّا شُكْرُ هَذِهِ النَّعَمِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي طَاعَةِ اللهِ وَمَرَاضِيْهِ وَدَلِيْلُ ذَلِكَ مًا تَرَى وَتَسْمَعُ مِنْ المَعَاصِي والمُنْكَراتِ الّتِي تَكَادُ أنْ تَبْكِي مِنْ فُشُوَّهَا وَازْدِيَادِهَا الجَمَادَاتُ.

فَيَا للهِ لِلْمُسْلِمِيْنَ إِنَّهَا لَتَجْرَحُ قَلْبَ المُؤْمِنِ السَّالِمِ مِنْهَا حَرْجاً يُوْشِكُ أنْ يُوْصِلَهُ إِلى القَبْرِ اللهُمَّ وَفَّقْ وُلاَتَنَا لإِزَالَةِ هَذِهِ المُنْكَراتِ وَلِتْأِيْيِد الإِسلامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>