للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِيَة: جِهادُهُ عَلَى دَفْعِ ما يُلْقِيِه مِنَ الإِرَادَاتِ والشَّهَوَاتِ فَالجِهَادُ الأوّلُ يَكُوُن بَعْدَُ اليَقِينُ والثّاني بَعْدَهُ الصَّبْرُ قَالَ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} فأخْبَرَ أَنَّ إِمامَةَ الدِّيْنِ إِنَما تُنَالُ بِالصَّبْرِ واليَقِيْنَ فَالَّصْبُر يَدْفَعُ الشَّهَوَاتِ والإِرَادَاتِ واليَقِينُ يَدْفَعُ الشُّكُوكَ والشُّبُهَاتِ وأمّا جِهَادُ الكُفّارِ والمُنَافِقِيْنَ فأَرْبَعُ مَرَاتِبَ بالْقَلْبِ وَاللّسَانِ والْمَالِ وَالنَّفْسِ وَجِهَادُ الكُفّارِ أَخَصُّ باليَدِ وَجِهَادُ المُنَافِقِيْنَ أَخَصُّ باللّسَانِ وأما جِهَادُ أَرْبَابِ الظُّلْمِ والبِدَعِ والمُنْكَرَاتِ فَثَلاَثُ مَرَاتِبَ الأُولَى باليَدِ إِذَا قَدَرَ فَإِنْ عَجِزَ انْتَقَلَ إِلى اللّسَانِ فَإِنْ عَجَزَ جَاهَدَ بقَلْبِهِ فَهَذِهِ ثَلاَثَةَ عشْرَةَ مَرْتَبَةً مِنَ الجِهادِ وَمَنْ مَاتَ ولَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بالغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النّفاقِ وَلاَ يَتِمُّ الجِهَادُ إِلاَ بالهِجْرَةِ وَلاَ الهِجْرَةُ والجِهادُ إِلاّ بالإِيمَانِ.

والراجون رحمة الله هم الَّذِينَ قاموا بهذه الثلاثة قال تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» .

وكما أن الإِيمَان فرض علي كُلّ أحد ففرض عَلَيْهِ هجرتان في كُلّ وَقْت هجرة إلي الله عَزَّ وَجَلَّ بالتَّوْحِيد والإخلاص والإنابة والتوكل والخوف والرجَاءَ والمحبة والتوبة وهجرة إلي رسوله بالمتابعة والانقياد لأمره والتصديق بخبره وتقديم أمره وخبره علي أمر غيره وخبره.

فمن كانت هجرته إلي الله ورسوله فهجرته إلي الله ورسوله ومن كانت هجرته إلي دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلي ما هاجر إليه.

وفرض عَلَيْهِ جهاد نَفْسه في ذات الله وجهاد شيطانه فهَذَا كله فرض

<<  <  ج: ص:  >  >>