للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهَذَا لضعف بصيرته فر من ألم عذاب أعداء الرسل إلي موافقتهم ومتابعتهم ففر من ألم عذاب الله فجعل ألم فتنة النَّاس في الفرار منه بمنزلة ألم عذاب الله وغبن كُلّ الغبن إذ استجار من الرمضاء بالنار وفر من ألم ساعة إلي ألمِ الأبد وإذا نصر الله جنده وأولياءه قال إني معكم والله عليم بما انطوي عَلَيْهِ صدره من النفاق.

والمقصود أن الله سُبْحَانَهُ اقتضت حكمته أنه لابد أن يمتحن النُّفُوس ويبتليها فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها ومن يصلح لموالاته وكراماته ومن لا يصلح وليمحص النُّفُوس التي تصلح له ويخلصها بكير الامتحان كالذهب لا يخلص ولا يصفو من غشه إِلا بالامتحان إذ النفس في الأصل جاهلة ظالمة وقَدْ حصل لها بالجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلي السبك والتصفية فإن خَرَجَ في هذه الدار وإِلا ففي كير جهنم فإذا هُذِّبَ الْعَبْدُ ونقي أذن له في دخول الْجَنَّة.

قال الناظم رَحِمَهُ اللهُ:

وَإِنَّ جِهَادَ الكُفْرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ ... وَيَفْضُلُ بَعْدَ الفَرْضِ كُلَّ تَعَبُّدِ

لأَنَّ بِهِ تَحْصِيْنُ مِلَّةِ أَحْمَدٍ ... وَفَضْلُ عُمُومِ النَّفْعِ فَوْقَ المُقَيَّدِ

فَلِلّهِ مَنْ قَدْ بَاعَ للهِ نَفْسَهُ ... وجُوْدُ الفَتَى فِي النَّفْسِ أَقْصَى التَّجَوُّدِ

وَمَنْ يَغْزُ إِنْ يَسْلَمْ فَأجْرٌ ومَغْنَمٌ ... وإِنْ يَرْدَ يَظْفُرْ بالنَّعِيْمِ المُخَلَّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>