الشيطان وأطاعه أكثر الخلق فمِنْهُمْ من أطاعه ودخل فِي فتنة الشبهات وَمِنْهُمْ من دخل فِي فتنة الشهوات وَمِنْهُمْ من دخل فِي الفتنتين.
وكل ذَلِكَ مِمَّا أخبر النَّبِيّ ? بوقوعه فأما فتنة الشبهات.
فقَدْ روي عن النَّبِيّ ? من غير وجه: أن أمته ستفترق عَلَى أزيد من سبعين فرقة وأن تلك الفرق فِي النار إلا واحدةً وهي من كانت عَلَى ما هُوَ عَلَيْهِ هُوَ وأصحابه ?.
وعن أبي برزة عن النَّبِيّ ? قال: إنما أخشي عليكم الشهوات التي فِي بطونكم وفروجكم ومضلات الفتن وفِي رواية ومضلات الهوي.
فَلَمَّا دخل أكثر النَّاس فِي هاتين الفتنتين أو إحديهما أصبحوا متقاطعين متباغضين بعد أن كَانُوا إخواناً متحابين متواصلين فإن فتنة الشهوات عمت غالب الخلق ففتنوا بالدُّنْيَا وزهرتها فصَارَت غاية قصدهم لها يطلبون وبها يرضون ولها يغضبون ولها يوالون وعَلَيْهَا يعادون فقطعوا لذَلِكَ أرحامهم وسفكوا دماءهم وارتكبوا معاصي الله بسبب ذَلِكَ.
وأما فتنة الشبهات والأهواء المضلة فبسببها تفرق أَهْل القبلة وصاروا شيعاً وكفر بَعْضهمْ بعض وأصبحوا أعداءً وفرقاً وأحزاباً بعد أن كَانُوا إخوانَاً قُلُوبهمْ عَلَى قلب رجل واحد فلم ينج من هذه الفرق كُلّهَا إلا الفرقة الواحدة الناجية.
وهم المذكورون فِي قوله ?: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين عَلَى الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتي يأتي أمر الله وهم عَلَى ذَلِكَ.