قوله:" بحفظك " يعني: أن من حفظ حدود الله وراعي حقوقه حفظه الله فإن الجزاء من جنس الْعَمَل كما قال تعالى: " وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكم " وَقَالَ: " فاذكروني أذكركمْ ".
وَقَالَ:" إن تنصروا الله ينصركم ". وحفظ الله تعالى لعبده يتضمن نوعين: أحدهما حفظه لَهُ فِي مصالح دنياه كحفظه فِي بدنه وولده وأهله وماله.
وفِي حديث ابن عمرو رَضِيَ اللهُ عنهُمَا قال: لم يكن رسول الله ? يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: " اللَّهُمَّ إني أسألك العافية فِي الدُّنْيَا والآخرة، اللَّهُمَّ إني أسألك العفو والعافية فِي ديني ودنياي وآخرتي وأهلي ومالي، اللَّهُمَّ استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفِي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ". أخرجه الإمام أَحَمَدُ وَأَبُو دَاود والنسائي وابن ماجة.
وهَذَا الدُّعَاء منتزع من قول الله تعالى:" لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ " الآية. قال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنهُمَا: هم الملائكة يحفظونه بأمر الله فإِذَا جَاءَ القدر خلوا عنهُ. وَقَالَ عَلَى رَضِيَ اللهُ عنهُ: إن مَعَ كُل رجل ملكين يحفظانه مِمَّا لم يقدر فإِذَا جَاءَ القدر خليا بينه وبينه وإن الأجل جنة حصينة.
وَقَالَ مجاهد: ما من عبد إلا لَهُ ملك يحفظه فِي نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام فما من شَيْء يأتيه إلا قال وراءك إلا شيئاً قَدْ أذن الله فِيه فيصيبه. ومن حفظ الله للعبد أن يحفظه فِي صحة بدنه وقوته وعقله وماله.
قال بعض السَّلَف: العَالِم لا يحزن، وَقَالَ بَعْضهمْ: مَن حفِظَ القرآنَ