يَكُنْ لَهُ فِي الآخرة مِنْ نَصِيبٍ)) . رَوَاهُ أَحَمَدُ وَابنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكم وَالْبَيْهَقِي، إِذَا فَهِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلم أَنَّ هُنَاكَ أُمُوراً خَمْسَةً ١- مُرَاءٍ وَهُوَ الْعَابِدُ الَّذِي يُظْهِرُ خِصَالَ الْخَيْر ٢- ومُرَائي وَهُمْ الْخَلْقُ الَّذِينَ يُظْهِرُ الْمُرَائِي لَهُمْ أَعْمَالَهُ ٣- وَمُرَاء لأَجْلِهِ وَهُوَ الْجَاهُ وَالْمَالُ وَالسُّلْطَانُ وَحُبُّ الْحَمْدِ وَكَرَاهَةُ الذَّمِّ وَرِيَاءٌ وَهُوَ قَصْدُ إِظْهَارِ الْعِبَادَةِ لذَلِكَ الْغَرَضِ، وَالْمُرَاؤن بالعبادات أَقْسَامٌ، الْقِسْمُ الأوَّلُ الْمُرَاؤُنَ فِي الْعَقَائِدَ الدِّينِيَّةِ وَهُمْ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ لِلنَّاسِ أنَّهُمْ مُوَحِّدُونَ يَشْهَدُونَ أَنَّ لا إِله إلا اللهِ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ خِلافَ ذَلِكَ أَوْ يُظْهِرُونَ أنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ وَيُظْهِرُونَ لِلنَّاسِ أنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْمَلائِكَةِ وَيُصَدِّقُونَ بِوُجُودِهِمْ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَهُمْ يَعْتَقِدُونَ فِي قُلُوبِهِمْ غَيْرَ ذَلِكَ وَلا رَيْبَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كُفْرٌ نَاقِلٌ عن الْمِلَّةِ الإسلاميَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ لأَنَّهُ تَكْذِيبٌ للهِ وَلِرَسُولِهِ وَصَاحِبُه إِنْ لم يَتُبْ فَهُوَ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ.
قَالَ اللهُ تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} فَهَذَا لِلْمُرَائِي الشِّرير الذَّلِق اللسانِ الَّذِي إِذَا تَكَلم رَاقَ كَلامُهُ لِلسَّامِعِ وَظَنَّهُ يَتَكَلم بِكَلامٍ نَافِعٍ وَيُؤَكَّد هَذَا الْمُرَائِي مَا يَقُولُ بِأَنَّهُ يُخْبِرُ أَنَّ اللهَ يَعْلم أَنْ مَا نَطَقَ بِهِ مُوَافِقٌ وَمُطَابِقٌ لِمَا فِي قَلْبهُ وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ لأَنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلُه فِعْلَه.
وَقَالَ تعالى فِي الآية الأخرى: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكم إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} .
وَمَا أَكْثَرَ أَشْبَاهِ هَؤلاءِ فِي زَمَنِنَا مِنْ مُنْكِرِي الْجِنِّ وَالْمَلائِكَة وَالْبَعْثَ مِمَّنْ نَجِدُهُمْ يَجْبَنُونَ عِنْدَ الْمُوَاجَهَةِ وَيَتَظَاهَرُونَ بِالإيمان عِنْدَ لِقَاءِ الْمُؤْمِنِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute