بعلمه إلا من يوافقه عَلَى هواه فلا يرده عن خطأ، ولا يشير عَلَيْهِ بحق ولا يزاحمه فِي غرض ومثل هَذَا لا فائدة من تعليمه لأنه ناقص النفس ضعيف الإرادة ومن كَانَ هَذَا شأنه فإن علمه وبال عليه.
أما العلم النافع فهو الَّذِي يرَبِّي الأنفس، ويطهرها من الصفات الرديئة، ويعرف الْعَبْد ربه ونفسه وخطر أمره، وهَذَا يورث الخشية والتواضع، فيكون صاحبه مثإلا حسناً فِي النَّاس، وقدوة صَالِحَة فِي الأقوال والأفعال.
وإن كَانَ الكبر ناشئاً عَن النسب فإنه ربما يكون سبباً للطعَن فِي ذَلِكَ النسب، وحمل النَّاس عَلَى اعتقاد أنه نسب رديء العنصر، خسيس الأصل، فإن النسب الشريف هُوَ الَّذِي يترتب عَلَيْهِ آثار صَالِحَة تدل عَلَى رفعته وكرمه، أما من يتكبر ويظلم ويؤذي عِبَادَ اللهِ ويحتقرهم فإنه لا يكون من عنصر طيب، ولا من أصل كريم غالباً، وقَدْ يتهم النَّاس من يفعل ذَلِكَ بأنه ولد زنا، وَذَلِكَ أن الله وصف النمام والفاجر والمناع للخَيْر بالوصف الذميم كما تقدم وَذَلِكَ لأن الأعمال الفاجرة تتبع خبث المني غالباً، ما لم ييسر الله لولد الزنا بيئة صَالِحَة يترَبِّي فيها وينزع من نَفْسه تلك الصفات الرديئة التي ورثها من أصله واكتسبهَا من والديه.
وإن كَانَ الكبر ناشئاً عَن الجاه والسُّلْطَان فإنه غالباً يفضي إلي شر أنواع الظلم وانتهاك المحارم من حقوق الله وحقوق خلقه، فما ترتب عَلَيْهِ مظلمة أو ضياع حق فهو الكبر الضار.
وأما العزة التي ينشأ عنهَا ما ينفع النَّاس، وما يحفظ كرامة المرء وعدالته ومكانته، مثل ترفع الحاكم عَن مخالطة العوام ومجالستهم ومجاملتهم بما يسقط هيبته أو يطعمهم فِي قضائه أو يسهل لهُمْ الإخلال بما