وعادوا بمر الشكوي من تغَيْر الأحوال وانتزاع البركة من الأرزاق والآجال ولَيْسَ الغريب أن تذهب البركة من أرزاق العصاة وأموالهم فإن الله جَلَّ وَعَلا يغار عَلَى أوامره أن تجتنب ومحارمه أن ترتكب عِبَادَ اللهِ إن المحافظة عَلَى أوامره التي أمركم بِهَا فِي كتابه وعَلَى لسان نبيه مُحَمَّد ? بمنزلة العهد والميثاق بينكم وبينه تعالى أن يحوطكم برحمته ويسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وأن يكون معكمْ بالعون والتَّوْفِيق فإِذَا حاربتموه بارتكاب معاصيه وإهمال أوامره فقَدْ حاربتم بديع السماوات والأرض ذا القوة المتين ولستم بمعجزيه أن يرسل عليكم عذاباً فِي الدُّنْيَا ولعذاب الآخرة أشد وأبقي عِبَادَ اللهِ اتقوا الله وراقبوه فِي سركم وجهركمْ وإياكمْ أن تظنوا أن الله يهمل المسيء فلا يجازيه ولا يحاسبه عَلَى جرمه وذنبه الَّذِي اقترفه ومن ظن ذَلِكَ كَانَ من الَّذِينَ يخادعون الله والَّذِينَ آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون يا عِبَادَ اللهِ: قَدْ كَانَ قبلكم من الأمم من اصطفاهم الله عَلَى علم عَلَى العالمين وآتاهم من الآيات ما فِيه بلاغ للعابدين وأسبغ عَلَيْهم نعمه ظاهرة وباطنة فما رعوها حق رعايتها وقَالُوا نَحْنُ أبناء الله وأحباؤه فَلَمَّا أفسدوا فِي الأرض لم تغن عنهم النذر شيئاً وأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} وفِي الْحَدِيث إن الله ليملي للظَالمِ فإِذَا أخذه لم يفلته.