المتكبرين عن عبادة الله من الانتقام الدنيوي، كما وقع للنمرود وفرعون وغيرهم من المتكبرين.
وأما المتكبر عَلَى رسل الله فهو كالمتكبر عَلَى الله فِي نتيجته فإن جزاءه الخلود فِي نار جهنم، لأنَّهُمْ إنما جاءوا بِتَوْحِيدِ اللهِ وتنزيهه عن كُلّ ما لا يليق به، وهداية النَّاس إلي سبيل السعادة، فمن استكبر عَلَيْهمْ ولم يؤمن بِهُمْ فقَدْ كفر بربه وخسر خسرانَاً مبيناً.
ولَقَدْ قال المستكبرون من قريش:{لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} يريدون الوليد بن المغيرة من مَكَّة وأبا مسعود الثقفِي من أَهْل الطائف، دفعهم الكبر إلي أن يطلبوا من هُوَ عندهم وفِي زعمهم أعظم رئاسة من المُصْطَفَى ? لأنه غلام يتيم وإن كَانَ من أطهر أصلابهم وأشرف أنسابهم فرد الله عَلَيْهمْ بقوله {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} ، ذَلِكَ أنَّهُمْ جهلة متهورون غلاظ القُلُوب حسدة لم يقدروا الله الَّذِي خلقهم والَّذِينَ من قبلهم، الحكيم الَّذِي يضع الأشْيَاءِ مواضعها وينزل الأمور منازلها.
وروي مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: كنا مَعَ رسول الله ? ونَحْنُ ستة نفر فَقَالَ المشركون: اطرد هؤلاء عنكَ فَإنَّهُمْ وإنَّهُمْ، قال فكنت أَنَا وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان نسيت اسميهما، قال فوقع فِي نفس النَّبِيّ ? من ذَلِكَ ما شَاءَ الله فحدث به نَفْسه، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} وروي عن خباب بن الأرت – فِي سبب نزول هذه الآية – قال: جَاءَ الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري فوجدوا النَّبِيّ ? قاعداً مَعَ بلال وعمار وصهيب وخباب، فِي ناس من الضعفاء من الْمُؤْمِنِين، فَلَمَّا رأوهم حقروهم، فخلوا به فَقَالُوا: إنَا نحب أن تجعل لنا منك مجلساً تعرف لنا به