الشخص، لسبب شرعي، كأن يكون ظالماً يستعين عَلَى مظالمه بهذه النعمة فيتمني زوالها ليريح النَّاس من شره ومثل أن يكون فاسقاً يستعين بهذه النعمة عَلَى فسقه وفجوره، فيتمني زَوَال المغل هَذَا عنهُ ليريح العباد والْبِلاد من شره القاصر والمتعدي، فهَذَا لا يسمي حسداً مذموماً وإن كَانَ تعريف الحسد يشمله، ولكنه فِي هذه الحال يكون ممدوحاً لاسيما إِذَا كَانَ يترتب عَلَيْهِ عمل يدفع هَذَا الظلم والعدوان ويردع هَذَا الظالم.
الحالة الخامسة: أن يحب ويتمني لنفسه مثلها فإن لم يحصل لَهُ مثلها فلا يحب زوالها عن صاحبِهَا فهَذَا لا بأس به إن كَانَ كالنعم الدنيوية كالْمَال المباح والجاه المباح وإن كَانَ من النعم الدينية كالعلم الشرعي والعبادة الشرعية كَانَ محموداً كأن يغبط من عنده مال حلال ثُمَّ سلط عَلَى هلكته فِي الحق من واجب ومستحب فإن هَذَا من أعظم الأدلة عَلَى الإيمان ومن أعظم أنواع الإحسان وَكَذَا من آتاه الله الحكمة والعلم فوفق لنشره، كما فِي الْحَدِيث:" لا حسد إلا فِي اثنتين رجل آتاه الله مالاً، فسلطه عَلَى هلكته فِي الحق، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضي بِهَا ويعلمها ".
فهذان النوعان من الإحسان لا يعادلهما شَيْء إلا إن ترتب عَلَيْهِ وساوس شيطانية، وخواطر نفسانية تجر الإنسان إلي مواضع الخطر التي تفسد عمله كأن يَقُولَ فِي نَفْسهِ أَنَا أحق منه بهَذَا فهَذَا اعتراض عَلَى حكمة الله وقسمته ولا يجوز ذَلِكَ: