للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذه، الساعي ومضي به إلي عامل الملك، فَقَالَ لَهُ العامل: فِي كتابك أني أذبحك وأسلخك فَقَالَ إن اْلكِتَاب لَيْسَ لي، فالله الله، فِي أمري حتي تراجع الملك مراجعة فذبحه وسلخه وحشي جلده تبناً، وأرسله للملك كعادته وَقَالَ مثل قوله، فتعجب الملك، ثُمَّ عاد الرجل إلي الملك كعادته وَقَالَ مثل قوله، فتعجب الملك، وَقَالَ لَهُ ما فعل اْلكِتَاب، فَقَالَ لقيني رجل هُوَ فلان فاستوهبه مني فوهبته لَهُ، قال لَهُ الملك إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر قال ما قُلْتُ ذَلِكَ، قال فلم وضعت يدك عَلَى فيك قال لأنه أطعمني طعاماً فِيه ثوم فكرهت أن تشمه، قال صدقت، ارجع إلي مكانك، فقَدْ كفِي المسيء إساءته فَانْظُرْ يا أخي كيف دارت عَلَى الباغي الدوائر واسأل ربك أن يعافيك من هذه الأمراض الفتاكة التي ربما قضت عَلَى حَيَاته وأوصلته فِي الآخرة نار جهنم.

وختاماً فعَلَى اللبيب أن يتجنب الحسد فإنه من خلق الأدنياء وصفة الجهلاء فإن أبصرت بقائم فاعضده ويسر لَهُ السبيل حسب استطَاعَتكَ وإن رَأَيْت نعمة أسبغها الله عَلَى عبد من عباده فاسع إلي مثلها بقلب طاهر ووجدان نقي لعلك أن تبلغها بإذن الله.

فعزيزة النفس إن أبصر غيره فِي أمر يثني عَلَيْهِ به، أو رآه فِي منزلة يغبط عَلَيْهَا فلا يجول فِي وهمه أن يحسده عَلَى نعمته أو يحط من منزلته بل يسعي كُلّ السعي لينال مثل مناله ويرقي مثل رقيه فإن زادت فِيه عزة النفس والإباء فلا يرضي لنفسه إلا بما فوق ذَلِكَ المقام:

شِعْراً: ... أَسَأْتُ فَمَا عُذْرِيْ إِذَا انْكَشَفَ الغِطَا

وَأَظْهَرَ رَبُّ العَرْشِ مَا أَنَا أسْتُرُ ... >?

<<  <  ج: ص:  >  >>