للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلكتها وإِلا فتستعمل معه القوة حتى يرجع إلى الحق، وطرق الظلم كثيرةٌ جدًّا ووسائله جمةٌ وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.

ولا يختص الظلم بأرباب الوظائف والمناصب وأرباب الحكم والسُّلْطَان، حيث أن كلا ممن عدا هؤلاء رب بيت أو بيوتٍ، وزعيم أسرة وفي الأسرة الكبير والصغير والقوي والضعيف والخادم والأجير ولكل واحد من هؤلاء حقوق في أعناق المسؤلين وسيسألون عَنْهَا بل إنَّ الإِنْسَان ليعد ظالمًا إذا تعدى على حقوق نَفْسهُ الشخصية فقَدْ يكون مبذرًا وحالته تدعو إلى الاقتصاد وقَدْ يكون مقترًا وحالته تدعو إلى التيسير فمن ظلم الإِنْسَان لأهله سياستهم بالقَسْوَة كما يفعله بَعْضهمْ ظنًّا منه أنه مدعاة لاحترامهم له أو يبخل عَلَيْهمْ فلا ينفق النفقة الواجبة كأمثالهم أو لا يحسن معاشرتهم فقَدْ ذكر أن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ ذات يوم مستلقيًا على ظهره في بيته وصبيانه يلعبون حوله فدخل عَلَيْهمْ.

أحد عماله فانكر ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ له عمر: كيف أَنْتَ مَعَ أهلك؟ فَقَالَ: إذا دخلت سكت الناطق. فَقَالَ له عمر: اعتزل عملنا فإنك لا ترفق بأهلك وولدك فَكَيْفَ ترفق بأمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وسلم ومن ظلمه لأولاده أن يتركهم بلا أمرٍ ولا نهيٍ ولا توجيهٍ ومَعَ هَذَا فربما وجدته أمر النَّاس البعيدين عَنْهُ بالمعروف وينهاهم عن الْمُنْكَر وقَدْ صدق عَلَيْهِ المثل

شِعْرًا: ... كَمُرْضِعَةٍ أَوْلادَ أُخْرَى وَضَيَّعَتْ ... بَنِي بَطْنِهَا هَذَا الضَّلالُ عَنْ الْقَصْدِ

آخر: ... كَتَارِكَةٍ بَيْضَهَا بِالْعَرَاءِ ... وَمُلْبِسَةٍ بَيْضَ أُخْرَى جَنَاحَا

<<  <  ج: ص:  >  >>