للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل البعد أن تثور عَلَيْهِ عوامل الْغَضَب والانتقام.

ونفس الإِنْسَان لَيْسَتْ ملكًا له فهو لم يخلق نَفْسهُ ولا عضوا من أعضائه، بل ولا خلية من خلاياه، وإنما نَفْسهُ وديعة وأمانة عنده استودعه الله إياه، فلا يجوز له التفريط فيها ولا التصرف فيها إِلا على وفق الشرع فيكف بالاعتداء عَلَيْهَا بالتخلص منها قال تَعَالَى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} فالمسلم يراد منه أن يكون صلب العود قوي العزم في مواجهة الشدائد ولم يبح له أن يهرب من الحياة، ويخلع ثوبها لبَلاء نزل به، أو أملٍ كَانَ يحلم به فخاب أمله فإن المُؤْمِن خلق للجهاد لا للعقود وللكفاح لا للفرار، وإيمانه بِاللهِ وخلقه يأبيان عَلَيْهِ أن يفر من ميدان الحياة ومعه السِّلاح الَّذِي لا يفل، والذخيرة التي لا تنفد، سلاح الإِيمَان المكين، وذخيرة الخلق المتين الَّذِي استمده من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عَلَيْهِ وسلم قال تَعَالَى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إليك إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} وفقنا الله وَجَمِيع المسلمين إلى الإقتداء بهما والتمسك بهما علمًا وعملاً.

وإذا كَانَ جزاء من قاتل المُؤْمِن عمدًا ما سمعت فإن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وسلم يصور لنا جزاء قاتل نَفْسهُ من ذَلِكَ قوله صلى الله عَلَيْهِ وسلم: «مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهُوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأَ بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» . رواه البخاري ومسلم والترمذي وَأَبُو دَاود والنسائي، فهَذَا الْحَدِيث يصرح بالخلود المؤبد في حق قاتل نَفْسهُ ويفيد أن قاتل نَفْسهُ في أي آلة من

<<  <  ج: ص:  >  >>