للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترك الْعَمَل، وافعل الأسباب التي بها يحصل الرزق بإذن الله، واعْلَمْ أن من ترك الْعَمَل وغلب عَلَيْهِ الكسل حتى صار كلا على الخلق يعده أهله ثقلاً ويراه صاحبه بغيضًا، ولا يلقاه أحد إِلا وكره لقياه قال تَعَالَى حاثًا على طلب الرزق: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاة فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} ، وَقَالَ تَعَالَى: {رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ} والمُؤْمِن المحترف الكسوب الَّذِي يأكل من عمل يده مكرم محبوب محترم عَنْدَ أهله والأولاد وكَانَ نوح وداود يحترفان التجارة ومُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وسلم رعى الغنم، ومُوَسى كَانَ أجيرًا عَنْدَ صَاحِب مدين وكَانَ إدريس خياطًا، وما أبعد هذه الأعمال الشريفة عن الكسل والبطالة وكَانَ السَّلَف رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ عمالاً مكتسبين فكلهم ما بين غني شريف وفقير شريف عفيفٍ، لا تشغلهم الدُّنْيَا عن الآخِرَة ولا يمنعهم الدين عن طلب الكسب والقيام بالواجبات، وهم مَعَ هذا من أقوى النَّاس توكلاً على الله ورضى بما قدّر وقضاه وهَذَا أمر الله به ورضيه.

شِعْرًا:

لِمَنْ تَطْلُبَ الدُّنْيَا إِذَا لَمْ تَرِدْ بِهَا ... رِضَى الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ رَبِّ الْبَرِيَّةِ

آخر: ... وَكُنْ بِالَّذِي قَدْ خَطَّ بِاللَّوْحِ رَاضِيًا

فَلا مَهْرَبٌ مِمَّا قَضَاهُ وَخَطَّهُ

وَإِنَّ مَعَ الرِّزْقِ اشْتِرَاطُ الْتِمَاسِهِ

وَقَدْ يَتَعَدَّى إِنْ تَعَدَّيْتَ شَرْطَهُ

فَلَوْ شَاءَ أَلْقَى فِي فَمِّ الطَّيْرِ قُوتَهُ

وَلَكِنَّهُ أَوْحَى إِلَى الطَّيْرِ لَقْطَهُ ... >?

<<  <  ج: ص:  >  >>