للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعلة الشنيعة من الخزي والعار ما لا تطيقه الطباع السليمة، كانت أمة قديم عصرها، باق ذكرها، كثير شرها تسكن بين الحجاز والشام، ترتكب هذه الفاحشة الشنيعة والجريمة الفظيعة علنًا في نواديهم ويذرون ما خلق الله من أزواج، ولا يبالون بمن يعتب عَلَيْهمْ ويشنع عَلَيْهمْ ولا يخافون لومة اللوام، فبعث الله إليهم لوطًا عَلَيْهِ وعلى نبينا أفضل الصَّلاة والسَّلام فدعاهم إلى التَّوْحِيد، وترك عبادة الأصنام وحذرهم من فعل فاحشة اللواط وبالغ في إنذارهم وتحذيرهم، وكَانَ الجزاء والجواب مِنْهُمْ على هذه النَّصِيحَة أن قَالُوا: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} ومقصود هؤلاء الأشقياء بهَذَا الوصف السخرية والتهكم بلوط ومن معه، وهَذَا كما يقوله الفساق والمرجة المعاصرون لبعض الصلحاء إذا أنكروا عَلَيْهمْ ووعظوهم، أخرجوا عنا هذا المتدين، أو هَذَا المتزهد، وهَذَا برهان واضح على أن قُلُوبهمْ ممتلئة من الحقَدْ والحسد والغيظ على الْمُؤْمِنِين فليموتوا بغيظهم ولله در القائل:

... إِذَا بَعُدَ الْعُنْقُودُ عَنْهُ وَلَمْ يَصِلْ ... إليه بِوَجْهٍ قَالَ مُرٌّ وَحَامِضُ

وَيَقُولُ الآخر:

دَعِ الْحَسُودَ وَمَا يَلْقَاهُ مِنْ كَمَدٍ ... كَفَاكَ مِنْهُ لَهِيبُ النَّارِ فِي كَبِدِهْ

إِنْ لُمْتَ ذَا حَسَدِ نَفَّسْتَ كُرْبَتَهُ ... وَإِنْ سَكَتَّ فَقَدْ عَذَّبْتَهُ بِيَدِهْ

آخر: ... ضَارِي الطِّبَاعِ سُرُورُ النَّاسِ يُحْزِنُهُ ... وَلا انْشِرَاحَ لَهُ إِلا إِذَا آذَى

آخر: ... فَدْمٌ يَذُمُّ فُنُونَ الْعِلْمِ مُحْتَقِرًا ... بِهَا وَمِنْ جَهْلِ الأَشْيَاءِ عَادَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>