للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورزقنا وإياكم من الإنابة والإنصاف ما يلحقنا بصالح الأسلاف وغفر لَنَا وَلَكُمْ وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلمين إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.

(فَصْلٌ)

وتأمل خبث اللواطية وفرط تمردهم على الله حيث جاءوا نبيهم لوطًا لما سمعوا بأنه قَدْ طرقه أضياف هم من حسن البشر صوروا فأقبل اللواطية إليه يهرعون، فلم رآهم قال لَهُمْ: {يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} ففدى أضيافه ببناته يزوجهم بهنَّ خوفًا على نَفْسهُ وعلى أضيافه من العار الشديد.

فَقَالَ: {يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أليس مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} فردوا عَلَيْهِ ولكن رد جبار عنيد {قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} فنفث نَبِيّ اللهِ نفثة مصدور خرجت من قلب مكروب، فَقَالَ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} .

فكشف له رسل الله عن حَقِيقَة الحال وأعلموه أنهم ممن لَيْسَ يوصل إليهم ولا إليه بسببهم فلا تخف مِنْهُمْ ولا تعبأ بِهُمْ وهون عَلَيْكَ، فَقَالُوا: {يَا لُوطُ أَنَا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إليك} وبشروه بما جاءوا به من الوعد له، ومن الوعد المصيب لقومه فَقَالُوا: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} فاستبطأ نَبِيّ اللهِ عَلَيْهِ السَّلام موعد هلاكهم، وَقَالَ: أريد أعجل من هَذَا فقَالَتْ الملائكة: {أليس الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>