للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحيث يكون في كُلّ حال من أحواله مستحضرًا عظمة ربه وجلاله ولا ينساه مؤمنًا بأنه تَعَالَى يراه أينما كَانَ ويعلم سره ونجواه فمن كَانَ هكَذَا أورثه ذَلِكَ خشية ربه في سره وعلانيته، فإذا خاف الإِنْسَان ربه خوفًا صحيحًا وقف ولا بد عِنْدَمَا حد له من حدود يفعل أوامره ويجتنب نواهيه لا يحمله على ذَلِكَ إِلا إجلاله لربه، ومن أبعد الْعَبْد أن يقرب المعصية من كَانَ هكَذَا، لأنه يستحضر أن الله تَعَالَى يراه، ويوقن أن الله تَعَالَى يجازيه على كُلّ ما قدم من طاعة أو معصية فإذا وصل الْعَبْد إلى هذه الحالة كَانَ مَعَ توفيق الله له من صفوة خلق الله المتقين الَّذِينَ لله تَعَالَى بِهُمْ عناية فوق ما يتصوره المتصورون هُوَ أنه تَعَالَى أخبره عن مبلغ هذه العناية في اْلكِتَاب المبين أخبر تَعَالَى أنه معهم لما هم عَلَيْهِ مِمَّا وفقهم له من تقوى وإحسان، وإذا كَانَ الأَمْر هكَذَا. فمن يغلب التقي ومعه القاهر الغلاب ومن يذله ومعه من بيده ناصية كل مخلوق ومن يحوجه ومعه من كُلّ العوالم تتقلب في بحبوحة جوده وكرمه الباهر، ومن يشقيه ومعه من لا سعادة إِلا وهي من فيض كرمه وإحسانه. فعَلَيْكَ بلزوم تقوى الله وطاعته تنل السعادة في الدُّنْيَا والآخِرَة، قال صل الله عَلَيْهِ وسلم: «أفضل الإِيمَان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت» . رواه الطبراني وصلى الله على نبينا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

شِعْرًا: قصيدة وعظية زهدية ألق لها سمعك

... أَعَارَتْكَ دُنْيًا مُسْتَرَدٌّ مُعَارُهَا ... غَضَارَةَ عَيْشٍ سَوْفَ يَذْوِي اخْضِرَارُهَا

وَهَلْ يَتَمَنَّى الْمُحْكَمُ الرَّأْي عِيشَةً ... وَقَدْ حَانَ مِنْ دُهْمِ الْمَنَايَا مَزَارُهَا

وَكَيْفَ تَلَذُّ الْعَيْنُ هَجْعَةَ سَاعَةٍ ... وَقَدْ طَالَ فِيمَا عَايَنَتْهُ اعْتِبَارُهَا

وَكَيْفَ تَقِرُّ النَّفْسُ فِي دَارِ نُقْلَةٍ ... قَدْ اسْتَيْقَنَتْ أَنْ لَيْسَ فِيهَا قَرَارُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>