الله فلا يخشع الوعاظ ولا الموعوظون، ويرغبونهم في الخير فلا يسارعون، وينذرونهم عواقب السوء فلا يتأثرون {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} لقد كان السلف الصالح إذا وعظوا تأثر المستمع لهم تأثرًا عظيمًا، وفارق ما عنده من المنكرات والمحرمات، وفارق من أصر عليها من أقاربه، وأولاده، وإخوانه، وآبائه، وجدد توبة نصوحًا، عما سلف له من الأعمال، التي لا يرتضيها الدين الإسلامي، فأين أولئك من هؤلاء الخلف، الذين ضيعوا تعاليم الدين الإسلامي، وضيعوا العمل به، وتركوا الانقياد لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تأمل كيف ترى أكثرهم أضاعوا الصلاة، وعطلوا الأحكام، وتساهلوا بأمر الحرام، يمرون بالمساجد، وقت الصلاة، فلا يعيرونها أي اهتمام أما الملاهي والمنكرات فإليها يسرعون وعليها يعكفون وإلى ما فيها من الأغاني والمجون والسخف يتسابقون فإنا لله وإنا إليه راجعون، أين الخوف من الجبار، أين الحياء من فاطر الأرض والسماوات، أين المروءة والاعتصام بالقرآن، وما كان عليه آباؤكم وأجدادكم العباد الكرام، الذين كانت المساجد تغص بهم شيوخًا وشبانًا، وكانت تعج بأصواتهم تسبيحًا، وتحميدًا وتهليلاً، وتكبيرًا، واستغفارًا، وقرآنًا، وكانوا يؤمون المساجد قبل الآذان زرافات ووحدانا، ولا يتخلف منهم إلا معذور، إما مريض أو غائب، أو نحو ذلك، وكان المار ببيوتهم ليلاً يسمع زجل التسبيح، والتهليل والبكاء والأنين والتضرع إلى بديع السماوات والأرض، والإلحاح بدعائه، والالتجاء إليه والإنابة، عكس ما عليه هؤلاء الخلف، الذين صدق عليهم قول الله تعالى {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ