للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون أي تقييد، ولأنك خالد فيها أبدًا دون أن يكدر، بأي مكدر، ذلك العيش الرغيد فهل شمرت عن ساق وسعيت للوصول إليها، كما تسعي فقط لذلك الفاني من الحطام، المشاهد أنك لا تسعي لتلك الجنة ولا يخطر لك السعي إليها علي بال، ولو أنك ساويتها في السعي إليها بأي مطلوب دنيوي لكنت من عظماء الرجال، ولكن يا للأسف لم يكن من ذلك شيء، والسعي للجنة لا يكون بالكلام، ولا بالأماني والأحلام، ولكن بصالحات الأعمال، وهل تزهدت أنت في شيء كما تزهدت في تلك الأعمال الفخام، ولذلك أجري الله العادة أن من خاف شيئا من مؤلمات الدنيا يبعد عنه ويفر، وكل الفرار، ويذهب هدوئه وطمأنينته، وربما ذهب نومه اضطرارا لا اختيارا ولا يطمئن بعض الاطمئنان إلا إذا احترس منه بكل ما يقدر عليه من أعوان، وأنصار، يفعل كل ذلك لئلا يصل إليه من الأذى ما يكدر عليه حياته وصفوها جهنم يا هذا اعظم مخوف فهل عملت الاحتياط لها كما تحتاط لمخوفات هذه الدار.

الذي يتبادر منك ويظهر أن إيمانك بها ضعيف وأنك لم تعمل أي احتياط لها، فلو كان إيمانك قوي في قوله تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} لسعيت جهدك في الأعمال الصالحات، التي تحول بينك وبينها ولأزعجك وأقلقك ولم تهنأ بنوم ولا طعام وشراب، وأمامك تلك العقبات،

شِعْرًا: ... وَكَيْفَ تَنَامُ الْعَيْنُ وَهِيَ قَرِيرَةٌ ... وَلَمْ تَدْرِ فِي أَيِّ الْمَكَانِينِ تَنْزِلُ

آخر: ... تَذَكَّرْتُ أَيَّامِي وَمَا كَانَ فِي الصَّبَا ... مِنْ الذَّنْبِ وَالْعِصْيَانِ وَالْجَهْلِ وَالْجَفَا

وَكَيْفَ قَطَعْتُ الْعُمْرَ سَهْوًا وَغَفْلَةً ... فَأَسْكَبْتُ دَمْعِي حَسْرَةً وَتَلَهُّفَا

وَنَادَيْتُ مَنْ لا يَعْلَمُ السِّرَّ غَيْرُهُ ... وَمِنْ وَعْدِ الْغُفْرَانِ مَنْ كَانَ قَدْ جَفَا

<<  <  ج: ص:  >  >>