للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن، حتى ربما كرهه، ومن أكثر من السفر إلى زيارة المشاهد ونحوها، لا يبقى لحج البيت المحرم في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة، ومن أدمن على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم، لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع، ومن أدمن على قصص الملوك وسيرهم، لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام ونظائر هذه كثيرة.

ولهذا عظمت الشريعة النكير على من أحدث البدع وحذرت منها، لأن البدع لو خرج الرجل منها كفافًا لا عليه ولا له لكان الأمر خفيفًا، بل لا بد أن توجب له فسادًا في قلبه ودينه، ينشأ من نقص منفعة الشريعة في حقه، إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في العيدين الجاهليين: «إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيرًا منهما» . فيبقى اغتذاء قلبه من هذه الأعمال المبتدعة مانعًا من الاغتذاء، أو من كمال الاغتذاء بتلك الأعمال النافعة الشرعية، فتفسد عليه حاله من حيث لا يعلم كما يفسد جسد المغتذي بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر، وبهذا يتبين لك بعض ضرر البدع. أ. هـ. قلت: لله دره من إمام ما أعمله وأبصره بأمراض القلوب وعلاجها فتدبر كلامه رحمه الله بحضور قلب لعل الله ينفعك به. والله أعلم.

اللهم ثبت قلوبنا على الإيمان ووفقنا لصالح الأعمال، اللهم تفضل علينا بالقبول والإجابة وارزقنا صدق التوبة وحسن الإنابة، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>