الأَصِّحَّاءِ عَلَى التَّوَسّدِ فَي الفِرَاشِ، وَطِيبِ المَنَامِ وَيُكْثِرُ مِنَ التَّأَوُّهُ وَالأَنِينِ، وَيَتَأَسَّفُ عَلَى فَقْدِ الصِّحَّةِ التِي بَاعَهَا بِلَذَّةِ التَّدْخِينِ، فَالحَذَرَ الحَذَرَ، وَالفِرَارَ الفِرَارَ مِنْ لَذَّةٍ تُوجِبُ البَوَارَ وَالدَّمَارَ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الدِّرَايَةِ فِي هَذَا الشَّأْنِ مِنْ أَطِبَّاءِ الزَّمَان، مَا نَصُّهُ: أَمَّا التَّدْخِينُ بِالتُوتُن والتِّنْبَاكِ فَإِنَّهُمَا مُحْتَوِيَانِ عَلَى مَادَّةٍ سُمِّيَّةٍ عَظِيمَةِ التَّأْثِيرِ، تُسَمَّى نِيكُوتِينْ، فَلَوْ استُخْلِصَتْ وَحْدَهَا، وَجُرِّبَ فِعْلُهَا، بِوَضْعٍ جُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْهَا عَلَى لِسَانِ كَلْبٍ لَقَتَلَتْهُ حَالاً بِأَسْرَعِ مَا يُمْكِنُ، وَهَذَا السُّمُّ تَحْتَ رِدَاءٍ رَقِيقٍ، بِوَاسِطَةِ التَّدْخِينِ المُسْتَعْمَلِ عُمُومًا، وَقَدْ قِيلَ:
تَرُومُ الشَّهْدَ مِنْ أَنْيَابِ أَفْعَى ... وَطَعْمَ الدِّبْسِ مِنْ مُرٍّ غَرِيزِي
كِلا الأَمْرَيْنِ لَمْ يَطْلُبْهُ إِلا ... جَهُولُ جَهْلُه المُرْدِي غَرِيَزِي
لِذَاكَ سَرَيْت بِالإِفْسَادِ تَرْجُو ... صَلاحَ الحَالِ مِنْ مَلِكٍ عَزِيزِ
رُوَيْدَكَ غَرَّكَ الشَّيْطَانُ حَتَّى ... ضَلَلْتَ عَنِ الحَقِيقَةِ يَا عَزِيزِي
إِذَا رُمْتَ الصَّلاحَ أَنِبْ لِرَبٍّ ... تَفُزْ بِالخَيْرِ وَالحِرْزِ الحَرِيزِ
آخر: ... إِنَّ الأَفَاعِي وَإِنْ لانَتْ مَلامِسُهَا
عِنْدَ التَّقَلُّبِ فِي أَنْيَابِهَا العَطَبُ ... >?
فَمِنْ مَضَرَّاتِهِ الكُلِّيَّةِ: تَخْرِيبُ كُرَيَّاتِ الدَّمِ، وَمِنْهَا التَّأْثِيرُ عَلَى القَلْبِ، وَمِنْهَا مُعَارَضَتُهُ لِشَهْوَةِ الطَّعَامِ، وَمِنْهَا انْحِطَاطُ القُوَى العَصَبِيَّةِ عَامَّةً، وَيَظْهَرُ هَذَا بِالخُدُورِ وَالدَّوَرَانِ الذِي يَحْصُلُ حُدُوثُهُ عَقِبَ اسْتِعْمَالِ التَّدْخِينِ لِمَنْ لَمْ يَأْتَلِفَهُ، وَلِمَنْ كَانَ مُؤْتَلِفًا وَانْقَطَعَ عَنْهُ مُدَّةَ عَشْرِ سَاعَاتٍ تَقْرِيبًا، وَمِنْ مَضَرَّاتِهِ إِحْدَاثِهِ لِلْجُنُونِ التُّوتُونِيّ.
قَالَ: وَقَدْ اطَّلَعْتُ عَلَى رِسَالَةٍ لِلْمُحَقِّقِ مُحَمَّد فِقْهِي العَيْنِيَ نَزْيلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute