للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَا أَنَّ المُشْتَغِلِينَ بِلِعْبِِ القُمَارِ، لَمْ يَعْمَلْ أَحَدُهُمَا عَمَلاً يُفِيدُ مِنْهُمَا، وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ يَدْفَعُ المَالَ الْمَشْرُوطَ، فَكَذَلِكَ هُنَا، تَقُولُ الشِّرِكَة لَهُ: إِنْ احْتَرَقَ الْبَيْتُ، أَوْ المُسْتَوْدَعُ، أَوْ الْمَكْتَبَةُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَخَذْتُ مِنِي قَيمَتُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَرِقُ، أَسْتَمِرُّ أَنَا آخُذُهَا مَا تَدْفَعُهُ لِي، إِنْ كَانَ مُقَسَّطًا، فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الضَّمَانِ.

وَكَمَا أَنَّ الْمُتَقَامِرِينِ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي وَجَلِ مِنْ ظُهُورِ الغَلَبَةِ فِي جَانِبِ صَاحِبِهِ وَيُسَرُّ كُلَّ السُّرُورِ، وَإِذَا ظَهَرْتَ نَتِيجَةُ اللَّعِبِ فِي نَاحِيَتِهِ كَذَلِكَ الحَالُ هُنَا، فَالشَّرِكَةُ مَا دَامَ هَذَا الْمَغْرُورُ - الذِي هُوَ صَاحِبُهَا – يَدْفَعُ، وَفِي جَانِبِهَا الاطمِئْنَانُ عَلَى الْمَنْزِلِ فِي سُرُورٍ، إِلا أَنَّهَا مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى مَمْلُوءَةً رُعْبًا وَخَوْفًا مِنْ أَنْ يَطْرَأ الطَّارِئُ المَخُوفُ الذِي بِهِ تُصْبِحُ مُكُلَّفَةً بِدَفْعِ الضَّمَانِ، وَالمُتَعَاقِدُ دَائِمًا فِي أَلَمٍ وَهَمٍّ، مِنْ دَفْعِهِ مَا هُوَ مُكَلَّفٌ نَفْسَهُ بِهِ، لأَنَّهُ فِي هَذِهِ الحَالَةِ فِي مَظْهَرِ الْمَغْلُوبِ، لَكِنْ لَوْ حَدَثَ بِالمَنْزِلِ حَرِيقٌ يُفْزِعُهُ لَوْ حَصَلَ وَلا ضَمَانٌ – تَرَاهُ فِي مُنْتَهَى الفَرَحِ وَالسُّرُورِ، لأَنَّهُ فِي اطْمِئْنَانٍ عَلَى قِيمَةِ الْمَنْزِلِ، كَأَنَّهَا فِي جَيْبِهِ، وَعَلَى كُلٍّ فَإِنْ غُلِبَتْ الشَّرِكَةُ فَهِي تَغْلِبُ مَرَّاتٍ لا تُعَدُّ وَلا تُحْصَى، وَأَيْضًا فَالشَّرِكَةُ غَالِبًا تُعَامِلُ بِالرِّبَا، لأنَّهَا تُعْطِي الأَمْوَالَ بِفَوْائِدَ، فَالمَالُ بِاخْتِلاطِهِ بِالأَمْوَالِ الرَّبَوِّيَةِ، وَبِاسْتِعْمَاله فِي الرِّبَا أَصْبَحَ خَبِيثًا مُلَوَّثًا، ثُمَّ بِرَدِ مَبْلَغٍ مِنَ الرِّبَا مِنَ الْمَبْلَغِ الأَصلي، يَزِيدُ خُبْثًا عَلَى خُبْثِهِ، فَيَكُون الدَّافِعُ لِلشَّرِكَةِ - الذِي هُوَ المُؤَمِّنُ - قَدْ أَعَانَ عَلَى فُشُوِّ الرِّبَا، وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، وَيَقُولُ جَلَّ وَعَلا وَتَقَدَّسَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} .

شِعْرًا: ... زِيَادَةُ المَالِ مِنْ رِبْحِ البُنُوكِ وِمَا ... ضَاهَى البُنُوكَ مِنَ الأَرْبَاحِ خُسْرَانِ

فَاْحَذْر مَكَاسِبِهَا إِنْ كُنْتَ ذَا وَرِعِ ... فَفِي الحَلالِ لأَهْلِ الدِّين غُنْيَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>