للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّ الإِسْلامَ يُحَرِّمُ ذَلِكَ بِكُلِّ صُورَةٍ، فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَفِي سَائِرِ أَنْوَاعِ المُعَامَلاتِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَالمُسْلِمُ مُطَالَبُ بِالتْزَامِ الصَّدْقِ فِي كُلِّ شُؤُونِهِ، وَالنَّصِيحَةُ فِي الدِّينِ أَغْلا مِنْ كُلِّ كَسْبٍ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدِِّينُ النَّصِيحَةُ» .

وَقَالَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «الْبَيْعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» وَمَرَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا فَأَعْجَبَهُ ظَاهِرُهُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، فَرَأَى بَلَلاً فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبُ الطَّعَامِ» ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ (أي المطر) فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» .

وَفِي رِوَايِةٍ: أَنَّهُ مَرَّ بِطَعَامٍ وَقَدْ حَسَّنَهُ صَاحِبُهُ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِيهِ، فَإِذَا طَعَامُ رَدِيءٌ، فَقَالَ: «بِعْ هَذَا عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا عَلَى حِدَةٍ مَنْ غَشَّنَا فَلَيَْسَ مِنَّا» .

فَانْظُرْ بِمَاذَا حَكَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ غَشَّ فِي الطَّعَامِ، وَالطَّعَامُ مَادَةً يَنْقَضِي أَثَرُهَا بِسُرْعَةٍ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَالإِيمَانُ الصَّحِيحُ الكَامِلُ يَقْتَضِي الصِّدْقَ وَالإِخْلاصَ، وَالتَّقْوَى وَالنُّصْحَ، وَأَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ.

فَإِذَا سَأَلَكَ إِنْسَانٌ مُؤْمِنٌ عَنْ حَالِ رَجُلٍ وَأَخْلاقِهِ، وَأَمَانَتِهِ، وَدِينِهِ، فَأَجَبْتَهُ بِغَيْرِ مَا تَعْرِفُ وَتَعْلَمُ، كَأَنْ كَانَ فَاسِقًا فَقُلْتُ: إِنَّهُ صَالِحٌ، أَوْ كَانَ صَالِحًا فَقُلْتَ: إِنَّهُ مِنَ المُفْسِدِينَ، فَقَدْ غَشَشْتَهُ. وَفِي الحَدِيثِ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ، وَإِذَا سَأَلَكَ أَخُوكَ المُؤْمِنُ عَنِ امْرَأَةٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، تَعْرِفُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>