للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّهُ سَبَبٌ لإِضَاعَةِ حَسَنَاتِهِ، أَوْ لِحَمْلِ سَيِّئَاتِ غَيْرِهِ مِمَّنْ غَشَّهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ عَلَى وَجْهِ الاخْتِفَاءِ لِجَنَايَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْغِشِّ.

وَمِنْ مَضَارِّ الْغِشِّ أَنَّ صَاحِبَهُ يُسِيءُ إِلى أَوْلادِهِ وَأُسْرَتِهِ إِذَا اشْتَهَرَ بِهِ، لأَنَّهُ يُلوثُهُمْ بِهَذِهِ السُّمْعَةِ السَّيِّئَةِ، وَالْفَائِهَةِ وَالْقَبِيحَةِ، وَيَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى أَنْ يَقُولُوا لَهُمْ: عَائِلَةُ الْغَشَّاشِ، وَأَعْظِمْ بِهَا مِنْ أَذِيَّةٍ لِلْمُسْتَقِيمِينَ، وَأَذِيَّةِ الْغَشَّاشِ لأَوْلادِهِ خَاصَّةَ أَشَدُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَذَيْتِهِ لِبَاقِي الأُسْرَةِ الْبَعِيدَيْنِ مِنْهُ، لأَنَّ الأَبْنَاءِ حَوْلَ أَبِيهُمْ يَأْخُذُونَ عَنْهُ،َ َوْيَنْشَئُونَ عَلَى أَخْلاق أَبِيهِمْ غَالِبًا فَإِنَّهُمْ إِذَا نَشَئُوا عِنْدَهُ لا بُدَّ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ طَبَاعِهِ، وَيُوشِكُ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ غَشَّاشِينَ بَعْدَ مَا يَبْلُغُوا مَبْلَغ الرُّجُولَةِ، فَيَكُونَ أَبُوهُمْ سَبَبًا فِي وُقُوعِهِمْ فِي ضَرَرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنْ تَحَرَّجُوا وَلا سَلَكُوا طَرِيقَةَ أَبِيهِمْ بِالْغِشِّ فَمَا مِنْ سَلامَة، يُعَيِّرُهُمُ النَّاسُ وَيَقُولُونُ لَهُمْ: يَا أَوْلادَ الْغَشَّاشِ، وَهَذِهِ أَذِيَّةٌ عَظِيمَةٌ، تُؤَدِّي إِلى التَّشَاجُرِ وَالتَّقَاطُعِ وَالتَّهَاجُرِ وَتَبَادُلِ السِّبَابِ.

وَأَمَّا أَذِيَّةُ الْغَشَّاشِ لِجَمَاعَتِهِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ فَوَاضِحَةٌ، لأَنَّهُ يَكُونُ لَهُمْ قُدْوَةً سَيِّئَةً، يُسَمُّونَهُمْ قَوْمَ الْغَشَّاشِ، وَجَمَاعَةَ الْغَشَّاشِ، وَالطِّبَاعُ سَرَّاقَةٌ مِنْ حَيْثُ يَشْعُرُ أَصْحَابُهَا وَمِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ، فَيَسْرِي إليهمْ هَذَا الطَّبْعُ وَالْخُلُقُ الذِي هُوَ الْغِشُّ، فَإِنْ لَمُ يُصِبْ الْجَمِيعَ تَأثرَ بِهِ الْبَعْضُ كَالْجَرَبِ.

وَبِهَذَا تُنْسَبُ الْجَمَاعَةُ وَالسَّاكِنُونَ فِي بَلَدِهِ إِلى الْغِشِّ، نَظَرًا لِذَلِكَ الْغَشَّاشِ، وَيُقَالُ: بَلَدُ الْغَشَّاشِ، كَمَا يُقَالَ: بِلادُ الْفَرَاعِنَةِ، وَهَذِهِ مُصِيبَةُ عَظِيمَةٌ، وَدَاهِيَةٌ دَهْيًا.

وَأَمَّا ضَرَرُ الْغَشَّاشِ وَأَذِيَّتُهُ لِلدِّينِ، فَيَالَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ فَادِحَةٍ، وَعَقَبَةٍ كَؤُودٍ ضِدَّ الْقَائِمِينَ بِالدَّعْوَةِ إِلى الإِسْلامِ، وَنَشْر مَحَاسِنِهِ، وَالْحَثِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>