للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاجْتَنِبُوا التَّسْوِيفَ فَإِنَّ سُيُوفَ المَنِّيَةِ قَاطِعَة، يَا مَعْشَرِ المُسَوِّفِينَ أَظَنَنْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الدُّنْيَا مُخَلَّدُون، وأنتمُ مَعَ العَاصِينَ قَاعِدُونَ، كَمْ مَرَّتْ بِكُمْ مَوَاسِمُ الطَّاعَاتِ، وَأَنْتُمْ عَنِ اسْتِغْلالِهَا بِالبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ رَاقِدُونَ، فَمَا بَالُكَ أَيُّهَا الغَافِلُ تُسَارِعُ فِي مُتَابَعَةِ هَوَاكَ، مَعَ أَنَّكَ فِي العِبَادَةِ مُتَكَاسِل، وَتُتْلَى عَلَيْكَ آيَاتُ مَوْلاكَ وَأَنْتَ عَنْهَا مُعْرِضٌ إِعْرَاضَ الجَاهِلَ تَسْمَعُ المَلاهِي فَتَمِيلُ إليها بِقَلْبِكَ وَتُبْصِرُ المَنَاهِي مِنْ تِلفزيُون وَفِديو وَسِينمَاء وَسَافِرَاتٍ وَصُور فَلا تَتَحَرَّكُ وَلا تَتَمَعَّرَ، هَلْ أَنْتَ مُكَذّبٌ بِالتَّحْرِيم، أَوْ مُتَشَّكِكٌ فِي البَعْثِ وَعَذَاب القَبْرِ وَالحِسَابَ وَالصِّرَاطِ وَالمِيزَانِ، فَيَا مُؤْمِنًا بِيَوْمِ الحِسَابِ تَهَيأ لِلْمُحَاسَبَةِ، وَيَا مُذْعِنًا بِحُقُوقِ الرَّبِ اسْتَعِدَّ لِلْمُطَالَبَةُ وَيَا طَوَيلَ الأَمَلِ كَمْ آمَالٍ أَصْبَحَتْ خَائِبَة، فَكَأنَّكَ بِالمَوْتِ وَقَدْ نَزَلَ بِسَاحَتِكَ وَنَزَلْتَ فِي القَبْرِ مَعَ عَمَلِكَ وَحُشِرْتَ وَعُرِضْتَ عَلَى عَالم سَرِِيرَتِكَ وَعَلانِيَّتِكَ وَكَأَنَّكَ بِالحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَالحِسَابِ بَيْنَ يَدَي اللهِ عَزَّ وَجَل، وَكَأَنَّكَ بِالأَهْوَالِ وَالمَخَاوُفِ وَقَدْ أَحَاطَتْ وَاشْتَدَّ الخَوْفُ وَالوَجَلُ وَكَأَنَّكَ بِالجَحِيمِ وَقَدْ سُعِّرَتْ وَقَدْ أُزْلِفَتْ، فَالبِدَارَ قَبْلِ انْقِضَاءَ الأَعْمَارِ.

شِعْرًا: ... يَا وَيْحَ مَنْ أَنْذَرَهُ شَيْبُهُ ... وَهُوَ عَلَى غَيّ الصِّبَا مُنْكَمِشْ

يَعْشُوا إِلَى نَارِ الهَوَى بَعْدَمَا ... أَصْبَحَ مِنْ ضُعْفَ القُوَى يَرْتَعِشْ

لَمْ يَهَبِ الشَّيْبَ الذِي مَا رَأَى ... نُجُومَهُ ذُو اللُّبِ إِلا ارْتَعَشْ

فَذَاكَ إِنْ مَاتَ فَسُحْقًا لَهُ ... وَإِنْ يَعِشْ عُدَّ كَمَنْ لَمْ يَعِشْ

فَهَاكَ كَأْسُ النُّصْحِ فَاشْرَبْ وَجُدْ ... بِفَضْلِهِ الكَأْسِ عَلَى مَنْ عَطِشْ

آخر: ... تَجرّدْ مِنَ الدّنيا فإنّك إنّما ... خَرجْتَ إلى الدُّنيا وأنتَ مُجَرَّدُ

وَتُبْ مِنْ ذُنُوبٍ مُوبِقَاتٍ جَنَيْتَهَا ... فَمَا أَنْتَ فِي دُنْيَاكَ هَذِي مُخَلَّدُ

آخر: ... وَمِنْ عَجَبِ الدُّنْيَا كُوني وَصَبْوَتِي ... إليها عَلَى سِنِّي كَأَنّي وَلِيدُهَا

أُجَارِي اللَّيَالِي لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ ... مُشِيحًا كَأَنِّي تِرْبُهَا وَطَرِيدُهَا

اللَّهُمَّ اهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَوَفِّقْنَا لِلْفِقْهِ فِي دِينِكَ القَوِيمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>