للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أُمُورٌ وَقَعَتْ فِي زَمَنِِنَا، مِنْهَا قِلَّةُ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الْكَلِمَةِ، أَمَّا الْمُتَسمُونَ فَمَوْجُودُونَ بدُونِ مَعْنَى، وَمِنْهَا مَا وُجِدَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُجِيدِينَ لِلْقرَاءَةِ، الْمُضِيِّعِينَ لِلْعَمَلِ، تَسْمَعُهُ مِنْهُمْ غَضًّا طَرِيًّا بِتَجْوِيدٍ وَفَصَاحَةٍ، وَمِنْهَا إِطَالَةُ الْخُطْبَةِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ زَمَنِنَا وَتَقْصِيرِ الصَّلاةِ، وَهَذا خِلافُ السُّنَّةِ، وَمِنْهَا كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ، وَقِلَّةُ إِعْطَائِهِمْ، فَهَؤُلاءِ طَرِيقَتُهُمْ ضِدُّ طَرِيقَةِ السَّلَفِ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الانْتِكَاسِ، وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا حَمَلَةَ الْعِلْمِ اعْمَلُوا بِهِ، فَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ، وَوَافَقَ عِلْمَه عَمَلُه، وَسَيَكُونُ أَقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهمْ، يُخَالِفُ عَمَلُهُمْ عِلْمَهُم، وَتُخَالِفُ سَرِيرَتُهم عَلانِيَّتَهُمْ يَجْلِسُونَ حِلَقًا فَيُبَاهِي بَعْضُهُم بَعْضًا، حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لِيَغْضَب عَلَى جَلِيسِه أَنْ يَجْلِسَ إِلى غَيْرِهِ وَيَدَعَهُ أُولَئِكَ لا تَصْعَدُ أَعْمَالَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إِلى اللهِ. رَوَاهُ الدَّارِمِي.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذَا الأَثَرُ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ لأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ غَيْبِيّ فَلا يُقَالُ إِلا عَنْ تَوْقِيفٍ.

وَعَنْ أبِي الزَّاهِرِيَّةِ - وَاسْمُهُ حُدَيْرُ بنُ كُرَيْبٍ - يَرْفَعُ الْحَدِيثَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالى قَالَ: أَبُثُّ الْعِلْمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حَتَّى يَعْلَمَهُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ، وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِمْ، أَخَذْتُهُم بِحَقي عَلَيْهِمْ» . رَوَاهُ الدَّارِمِيّ وَأَبُو نَعِيمٍ فِي الْحِلْيَةِ قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَة وَقَعَتْ طِبْقَ مَا ذكر.

وَعَنْ عَمْرو بن تَغْلِبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَكْثُرَ التُّجَّارُ، وَيَظْهَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>