للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرَكُوا الدُّنْيَا لِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ ... وَدُّهُمْ لَوْ قَدَّمُوا مَا تَرَكُوا

كَمْ رَأَيْنَا مِنْ مُلُوكٍ سُوَقَةْ ... وَرَأَيْنَا سُوَقَةً قَدْ مَلَكُوا

آخر: ... وَكُلُّ أُمٍّ وَإِنْ سُرَّتْ بِمَا وَلَدَتْ ... يَوْمًا سَتُشْكَلُ مَا رَبَّتْ مِنَ الْوَلَدِ

آخر: ... وَكَيْفَ بَقَاءَ النَّاسِ فِيهَا وَإِنَّمَا ... يُنَالَ بِأَسْبَابِ الْفَنَاءِ بَقَاؤُهَا

آخر: ... حَسْبُ الْخَلِيلَيْنِ نَأَيُ الأَرْضِ بَيْنَهُمَا ... هَذَا عَلَيْهَا وَهَذَا تَحْتَهَا بَالِي

سَلام عَلَى دَار الْغُرُورِ فَإِنَّهَا ... مُنَغَّصَةٌ لِذَاتُهَا بِالْفَجَائِعِ

فَإِنْ جَمَعَتْ بَيْنَ الْمُحِبينَ سَاعَةً ... فَعَمَّا قَلِيلٍ أَرْدَفَتْ بِالْمَوَانِعِ

آخر: ... عَلَى مِثْلِ هَذَا كُلُّ جَمْعٍ مَاله ... وِصَالٌ وَتَفْرِيقٌ يَسُرُّ وَيُؤْلِمُ

وَإِنْ مُنَعَ الْغُيَّابُ أَنْ يَقْدَمُوا لَنَا ... فَإِنَّا عَلَى غُيَّابِنَا سَوْفَ نَقْدَمُ

فَالْبَقَاءُ فِي الدُّنْيَا مُحَالٌ، هَذِهِ الدُّنْيَا جَسْرٌ، هَذِهِ الدُّنْيَا مَمَرٌ وَمَعْبَرٌ وَطَرِيقٌ إِلى الآخِرَةِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَخَبَّطُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَ وَيَتَعَثرُ فِيهَا وَلا يَهْتَدِي، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُوَفِّقُهُ اللهُ فَيَسْلُكُهَا مُسْتَقِيمًا لا يَلْوي عَلَى شَيْءٍ إِلا عَلَى زَادِ الآخِرَةِ، وَأَمَلٍ يَهْدِفُ إليه، فِي تِلْكَ الدَّارِ الْبَاقِيَةِ، ذَلِكَ الْهَدَفُ هُوَ رِضَى رَبِّ الْعِزَّةِ وَالْجَلالِ، الذِي فِيهِ كُلُّ نَعِيمٍ الذِي فِيهِ الْهُدُوءِ وَالاطْمَئُنَانُ وَالذِي فِيهِ الْفَوْزَ وَالنَّجَاةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، تِلْكَ حَال مَنْ اتَّعَظَ وَاعْتَبَرَ فَنَفَعْتُه الْعِبْرَةُ وَلَمِسَ الْمَوعِظَةُ مِنْ دُرُوسٍ الْحَيَاةِ وَأَحْدَاثها فَاهْتَدَى، وَزَادَهُ اللهُ هُدى، تِلْكَ حَالٌ مَنْ اعْتَبَرُوا فنَفَعْتُهُم الْعِبْرَة، وَجَعَلُوا التَّقْوَى إِلى اللهِ أَمَامَهُمْ لا يَحِيدُونَ عَنْهَا، يَخَافُون رَبَّهُمْ وَيَخْشَوْنَ سُوء الْحِسَابِ {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} .

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ لَقَدْ خَرَجْت مِنْ ظُلمَاتٍ، وَسَتَنْتَهِي إِلى ظُلُمَاتٍ خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَاتِ الأَرْحَامِ، وَتَنْتَظِرُكَ ظُلُمَاتُ الْقُبُورِ، خَرَجَتْ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>