الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ» . الأَكثرُ عَلَى أَنَّهُ مِيزَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ الأُمَمِ وَلِجَمِيعَ الأَعْمَالِ، وَإِنَّمَا جُمِعَ بِاعْتِبَارَ تَعَدُّدِ الأَعْمَالِ المَوْزُونَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الأَشْخَاصِ، أَوْ لِلتَّفْخِيمِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُرْسِل إليهمْ إِلا وَاحِدٌ، وَقِيلَ: لأَنَّ المِيزَانَ يَحْتَوِي عَلَى لِسَانٍ وَكَفَّتَيْنِ وَشَاهِينَ، وَلا يَتِمُّ الوَزْنُ إِلا بِاجْتِمَاعِهَا. وَرُوِيَ أَنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ: سَأَلَ رَبَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُرِيَهُ المِيزَانَ، فَأَرَاهُ كُلَّ كِفَّةٍ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، فَغُشِي عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: يَا إِلَهِي مَنِ الذِي يَقْدِرُ أَنْ يَمْلأ كِفَّتَهُ حَسَنَاتٍ؟ فَقَالَ: يَا دَاوُدَ إِنِّي إِذَا رَضِيتُ عَنْ عَبْدِي مَلأتُها بِتَمْرَةٍ.
وَأَخْرَجَ البَزَّارُ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي البَعْثِ عَنْ أَنَسٍ بنِ مَالِكَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُؤْتَى بِابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ كِفَّتَيْ المِيزَانَ، وَيُوكُلُ بِهِ مَلَكٌ، فَإِنْ ثَقُلَ مِيزَانُهُ نَادَى المَلَكُ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الخَلائِقَ: سَعُدَ فُلانُ بنُ فُلانٍ سَعَادَةً لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا، وَإِنْ خَفَّ مِيزَانُهُ نَادَى المَلَكُ بِصَوْتٍ يُسْمِعُ الخَلائِقَ: أَلا شَقِيَ فُلانٌ شَقَاوَةً لا يَسْعَدُ بَعْدَهَا أَبَدًا» ، وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارُ فَبَكَيْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يُبْكِيكِ» ؟ قُلْتُ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُم يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ: «أَمَّا فِي ثَلاثِ مَوَاطِنَ فَلا يَذْكُرُ أَحَدًا أحَدًا: عِنْدَ المِيزَانِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَمْ يَثْقُلُ، وَعِنْدَ تَطَايُرِ الصُّحُفِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَيَقَعُ كِتَابَهُ فِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَاله أَمْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ، وَعِنْد الصِّرَاطِ إَذَا وَضَعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ حَتَّى يَجُوزَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
فَلا تَغْفَلْ عَنِ المِيزَانِ بِلْ فَكِّرْ فِيهِ وَخَطَرِهِ، وَأَنَّ الأَعْيُنَ شَاخِصَةٌ إِلَى لِسَانِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لا يَنْجُو مِنْ خَطَرِهِ إِلا مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute