للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَنْبٍ، فإن كانت المعصية بينَ العبدِ وبينَ ربِهِ تَعالى لا تَتَعَلَّقُ بِحَقِّ آدمِيٍ، فلها ثَلاثَةُ شُروطٍ:

الأولُ: الإِقلاعُ عَنْ المعْصِيةِ التي هُو مُتَلَبِّسٌ بِهَا، وَعَلامَتُهُ مُفَارَقَةُ الذنب فَوْرًا.

الثاني: النَّدَمُ عَلَى فِعْلَها، وَعَلامَتُهُ طُوْلُ الحُزْنِ على مَا فَاتَ وورد عن ابن مسعودِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «النَدمُ تَوبة» .

شِعْرًا:

يَتُوبُ عَلَى يَدِي قَوْمٌ عُصَاةُ ... أَخَافَتْهُم مِنَ البَارِي ذُنُوبُ

وَقَلْبِي مُظْلِمٌ فِي طُولِ مَا قَدْ ... جَنَى فَأَنَا عَلَى يَدِ مَن أتُوبُ

كَأنِّي شَمْعَةٌ مَا بَيْنَ قَوْمٍ ... تُضِيء لَهُمْ وَيُحْرِقُهَا اللَّهِيبُ

آخر:

أَلا مَنْ لِقَلبٍ في الهَوى غَيرَ مُنتَهِ ... وَفي الغَيِّ مِطواعٍ وَفي الرَشدِ مُكرَهِ

أُشاوِرُهُ في تَوبَةٍ فَيَقولُ لا ... وَإِِْن قُلتُ تَأتي فِتنَةٌ قالَ أَينَ هي

آخر:

عَلامَةُ مَنْ يَخْشَى الإِلهِ فؤادُهُ ... إذا صَدَرَتْ مِنْه المعاصِي تألْمَا

وأتَبْعَهَا حَالاً بِتَوبَةِ صَادِقٍ ... عن الذَّنْبِ في عَزْمٍ لهُ مُتَنَدِّمَا

الغَفْلة عن ذِكر الله وما ولاه أشد الأعداء ضَررًا على الإِنسان فإيَّاك أن تغفل عن ذكر الله ولا لحظة.

الثالثُ: العَزْمُ أَنْ لا يَعُوْدَ إلى معْصِيةٍ أبَدًا، وَعَلامَتُهُ التَّدَارُكُ لِمَا فَاتَ وَإصْلاحُ مَا يَأتي، فإنْ كَانَ المَاضِيْ تَفْرِيطًا في عِبادةٍ قَضَاهَا، أَوْ مَظْلَمةٍ أدَّهَا، أَوْ خَطِيئَةٍ لا تُوجِبُ غَرَامَةً حَزِنَ إِذْ تَعَاطَاهَا.

فإن فُقِدَ أَحَدُ الشُرُوطِ الثَّلاثِةِ لَمْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ. وإنْ كَانَتْ المعصيَةُ تَتَعَلَّقُ بآدميٍ، فَشُرُوطُها أرْبَعَةُ: الثلاثةُ الشُروطُ المذكورةُ، والرابعُ: أن يَبْرَأَ مِنْ حَقّ صَاحِبها، فإنْ كَانتْ مالاً أو نحوَهُ رَدَّهُ إِليهِ، إِنْ كانَ مَوْجُودًا

<<  <  ج: ص:  >  >>